مرة أخرى تصبح مدونتى مهجورة - دون أعتراض من أحد هذه المرة- لم هى مهجورة ؟ لأننى أرغب فى الكتابة عن دبى ، إذا ما المشكلة ؟!! المشكلة هى : كيف تكتب عن دبى ؟ وهو ليس بالأمر السهل ، فعليك أن تعيش هنا كى تفهم ما الذى أتحدث عنه ، أولا كم عدد الدبى الموجودة ؟ أعتقد أن هناك العديد من الدبى ، تتجاور جميعها معا ، هناك تنوعات للدبى تبدأ من تلك التى يراها العامل النيبالى الذى يتقاضى 600 درهم -163 دولارا- شهريا ويعيش فى معسكرات الشركات التى تذكر بمعسكرات العمل النازية ، وبين دبى التى يعرفها المهنى الأنجليزى الذى يتقاضى أكثر من 25000 درهم - 6800 دولارا - شهريا ويعيش فى شقة من ثلاث غرف نوم فى أحد أبراج الجميرا الفاخرة ، أى دبى منهم على أن أحدثكم عنها؟ دبى المدينة التى تعيش حالة متطرفة من جنون العظمة ، هى أساسا مدينة صغيرة لا يتجاوز سكانها المليون والنصف ، لكنها تزخر بكل ما يميز مدنا أكبر منها عشرات المرات ، فهذه المدينة التى لاترقى حجما ولا تعدادا لأحد أحياء القاهرة الصغيرة تعانى من أختناقات مرورية يومية تفوق ما تعانيه القاهرة ، ويسيطر الزحام الخانق على شوارعها كأنما يسكنها عشرون مليونا ، هذه المدينة الصغيرة التى لم تكن شيئا يذكر قبل أوائل تسعينيات القرن العشرون لا تقبل سوى بمقارنتها فى الأرتفاع المعتوه لأسعار أيجاراتها بلندن وهونج كونج وسنغافورة وطوكيو ، ودبى التى لايتجاوز عدد سكانها سكان طنطا المصرية تعانى من معدلات أكتئاب وحالات أنتحار وسط سكانها لا يمكن مقارنتها سوى بتلك فى المدن الغربية العملاقة ، حسنا دبى غنية ، بل غنية جدا و هى تتمتع بمعدلات رواج مدهشة ، وأمكانيات العمل فيها رائعة ، لكن دبى هى أفقر مدينة غنية فى العالم ، فالأبراج الفارهة الجميلة المتباهية برفاهيتها يتم تأجير شققها - من الباطن عادة - بنظام الغرف ، حيث يعيش الناس الغرباء معا فى شقة مشتركة أو حتى فى غرفة مشتركة ، ينشرون ثيابهم الداخلية فى الطرقات مابين الشقق أو فى الممرات الداخلية - الشرفات أمر نادر فى دبى - ، ويتعلمون أن يتنازلوا عن كثير من الخصوصية ، دبى يمكنها أن تشترى تقريبا كل شىءفى الوجود ، لكنها تفتقر لأشياء لا يمكن شرائها ، مثل العراقة والمجتمع والثقافة والفن ، دبى تحتوى جنسيات أكثر مما تحتويه الأمم المتحدة ، هكذا تتباهى عادة ، لكن دبى مسكونة بالعنصرية ، عنصرية الغرباء ضد الغرباء ، عنصرية الهنود ضد العرب ، بل وضد بعضهم البعض ، عنصرية الشوام ضد المصريين ، والعرب ضد الفلبينيين ، وحدهم الأماراتيون يبدون الأكثر تسامحا وقبولا للجميع ، بل ويبدون الأكثر أنفتاحا ورغبة فى التواصل ، دبى حيث الأرتفاع غير المعقول أو الطبيعى لأسعار الأيجارات يدفع الناس لأرسال أسرهم لأوطانهم والعيش كعزاب فى غرف أو شقق مشتركة تحتوى 75 % من مجموع سكانها ذكور ، ذكور وحيدون يمزقهم الأشتياق لأسرهم ونسائهم ولا يجدون الحب سوى مدفوع الأجر من كل جنسية ولون وحجم ، دبى أكبر مركز تسوق فى المنطقة ، كل ما تشتهيه من الأحتياجات المادية متوفر وبتنوع مدهش ، لكن فقط روحك هى من ستذوى فى الوحدة ،
العلاقات السامه
2 years ago
No comments:
Post a Comment