Sunday, August 24, 2008

أعتذر منكم




ملحوظة شخصيه:
هذه هي المرة الخامسة التي أحاول فيها الكتابة خلال أسبوعين، هل سأكملها هذه المرة؟

مدخل
منذ فترة لامتني صديقة سابقة لأني أحيانا ما أجيب على بعض التعليقات في المدونة وأتأخر في الإجابة على التعليقات الأخرى، وأن هذا يسبب قدر من الإحراج، لعلها كانت على حق، أعلم أن الكثيرون يعتبرون الرد على تعليقاتهم ، بل وزيارة تدويناتهم والرد فيها هو نوع من المجاملة الواجبة من باب رد الزياره، لكن حين يأتيك ضيف على الغداء ولا تجد في ثلاجتك سوى بقايا طعام بائتة وفتات عشاء أمس الأول، إلى أي حد ستتحرج أن تدعوه لمائدتك؟ ربما مع أحد الأقارب من الدرجة الأولى أو صديق قديم قد تكمل المأدبة (عشما) مقدما له ما تيسر حتى لو كانت بقايا، لكن مع شخص تلتقيه للمرة الأولى، بأي وجه ستقدم له الفتات وأنت الذي تعتقد في نفسك الكرم إلى درجة الإسراف، أعزائي أعتذر منكم، عفوا فليس لدي ما يليق بكم كي أكتبه ردا على تعليقاتكم الجميله، ليس لدي ما أضيفكم به، فلسي لدي سوى بقايا الكلمات وفتات الأفكار، أحيانا ما تكون الكتابة صعبة، لكن حين تصبح مستحيلة يكون الأمر جللا والمصيبة واقعه، أن يصيبك ضيق في التنفس وتكاد تختنق كلما حاولت الكتابة لهو أمر يستحق وقفة خاصة حين تكون بطبعك ثرثارا محبا للكلمات.

مدخل2:
تحدث جان بول سارتر عن الغثيان، هل الغثيان كاف؟- ما سيأتي مقرف ويمكنكم تجاهله لو أردتم - على ما أعلم أن الغثيان هو مقدمة منطقية للقىء، والقىء على حسب معلوماتي الطبية الضحلة هو رد فعل أنعكاسي لتخليص الأمعاء مما يهيجها ويؤذيها، هو فعل صحي وطبيعي، مؤلم ومزعج لأقصى حد، نعم، لكنه يمنحك بعدها شعورا بالراحة والأنعتاق، ، حين تشعر بأمعائك تتقلص رافضة متمردة دافعة بالقىء الحارق نحو بلعومك فعليك أن تترك لنفسك العنان متخلصا مما يؤذيك ويمرضك، لكن أن تكبته وتبقي القىء بداخلك لتختنق به بينما يتأكلك الحمض الساخن من الداخل، لهو الجنون نفسه، أن تكتفي بالغثيان بينما يمزقك القىء من الداخل لأنك لا تريد أن تثير أشمئزاز السادة والسيدات الذين لا يكفون عن أمتصاص اليمون الحامض لمنع أمعائهم من طرد ما بها من عفونة لهو الجبن بعينه والنفاق نفسه، لعلك حين تطرد ما يلوث داخلك تدفع أشمئزازهم البرجوازي للوصول لمستوى أفراغ ما بداخلهم من مرض في حفل قىء تطهري جماعي

أستأذنكم لأعداد فنجان من القهوه

مدخل 3
طبقا للقاعدة الشهيرة التي وضعها خيري بشارة على لسان عمرو دياب في فيلمه الخالد (أيس كريم في جليم) والتي أتحفنا فيها بحكمته الخرافيه: مش مهم أكون تافه حتى لكن المهم أكون نفسي، والتي وضعت لتخلد التفاهة وتعليها كقيمة أنسانية عظمى، وقد دفع خيري ثمن أعلانه تلك الحكمة الرهيبة بأنه قعد في بيتهم لأنه لم يكن تافها بما يكفي لأرضاء الصادقون بتفاهتهم، المهم، تطبيقا لهذه الحكمة فمن حقك أيا كنت أن تكون تافها قدر ما تستطيع ، ومن حقك طبعا أن تتبنى قضية تافهة وتدعو الأخرين بكل صدق لتبنيها معك، ومن حقك أن تختار تافها أخر أكثر تفوقا منك في التفاهة لتجعل منه زعيمك وقائدك الفذ ومثلك الأعلى الذي تنظر إليه معجبا ومقدسا، كل هذا من حقك، لكن حين تستهيفني وتبني مؤامره طويله عريضه من أجل قضيتك التافهة وأسبابك الأتفه فإنه يحق لي أن اقول لك روح ألعب بعيد يا شاطر مش ناقصه عيال،


حكايه: البلياتشو والكتاكيت
أنتجت الحركة اليسارية المصرية في حقبتيها الستينيه والسبعينيه الكثير، لكن خير ما أبدعت في أنتاجه كان الأنتهازيين الزائفين، أنتجت أنتهازيين زائفين من نوعية مصطفى محمود ومحمود السعدني، ومن عيار أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي، لكنها أبدعت فعلا في تحفتها المتفردة ودرتها اليتيمة المسمى (أحمد فؤاد نجم) صبي تاجر المخدرات الذي تواجد صدفة في عنابر الشيوعيين المعتقلين بالستينيات والذين وجدوا فيه تسلية مثيرة، ووجد فيهم معنا لهرتلته التحشيشيه، نجم ذو اللسان الزفر الذي وجد فيه البهوات المتعاصين ماركسية نموذجا يشبه تخيلهم الزائف عن الشعبي، ووجدت فيه الهوانم الملوثات باليسارية نموذجا للذكر الشعبي المنفلت، المنفلت من كل حته والذي يمنح تهتكهن الشخصي مسحة ثورية تطهريه، وحده أمام عيسى الضرير كان يرى البلياتشو الأنتهازي، وحده أمام عيسى الضرير كان ثاقب الرؤية لحد فضحه - ولو متأخرا جدا- والموت متحسرا على ربط أسميهما معا ، نجم أو الفاجومي والذي أنطفأت شعلته بموت الفنان الحقيقي في المعادله ( الشيخ أمام عيسى) رضي بالأنزواء في الظل طوال الثمانينيات والتسعينيات متحولا لقطعة من ركام التراث اليساري يذكر أحيانا كنادره أو كأنه (جحا) معاصر أو أحد أبطال قصص المحششين وما أكثرها ، نجم الذي بعث في الذاكرة منذ سنوات بنزوة من نزوات ساويرس الأبن المليادير الذي أحس بالحنين لأيام الصعلكة حين كان يطيب له نسيان ملايين دادي المتلتله والتسكع بصحبة بضع مثتثاقفين ومتثاقفات متعاصين يساريه قرر أن يحتفي بنجم، وأكتملت المفارقه حين قبل الشاعر اليساري الحشاشي المناضل أن يقبل تكريم الملياردير الثوري، عاد الفاجومي للأضواء بأستحياء، ثم جاء زمن الكتاكيت العظيم، زمن المدونات والمثقفين الفرافير الذين يمارسون الصعلكة والصياعة الثورية على مقاعدهم الوثيرة أمام أجهزة الكمبيوتر

جملة أعتراضية: أذكر جملة رائعة قرأتها قبل سنوات ولا أذكر للأسف صاحبها الذي قال متحدثا عن الأجيال الأدبيه أن جيل الستينيات رأوا البلد تبنى، وجيل السبعينيات رأوها تهدم، وأما جيل التسعينيات - الذي أنتمي إليه- فلم يرى شيئا يبنى ولم يرى شيئا يهدم، رأوا فقط خرابه فقضوا وقتهم يلعبون في الخرابه، يا صديقي الذي لا أذكر أسمك أتسمح لي بأكمال جملتك؟، ماذا رأى جيل الألفية الجديدة؟ لم يروا الخرابة فقد أتوا ليروا الخرابة وقد أصبحت بناءا فخما يجمع كل شىء من قرية سياحية لمول لماخور لشقق فندقية وحتى أكشاك للخدم وأعشاش للدواجن والعبيد

عود على بدء: هذا الجيل من الكتاكيت هو الذي أعاد نبش جثة الفاجومي ورفعها على منصة عالية جاعلا منه رمزا وعما وأستاذا وثوريا معارضا، والبلياتشو العجوز أعجبته اللعبه وكرر تاريخه وكما كان الحاوي الذي تلمع لألعابه عيون البرجوازيين المتعاصين ماركسية بالستينيات والسبعينيات، هاهو يقدم خدعه السحرية أمام جمهور طازج تماما، أمام كتاكيت لم تتلوث حتى بقراءة كلمة نضال أو يساري، وكأي صايع قراري قديم رسم نجم عليهم التت متحولا لنجم حقيقي، وعم مبجل تتناثر من بين أنفاس حشيشه الحكمة والمعرفه، لكن البلياتشو العجوز لم يدرك الفخ، ولم يعلم أن لتلك الكتاكيت بدل من العقول أنياب طويلة ومخالب معقوفه، ومع أول ذلة لسان للفاجومي العجوز علقوا له المشنقه متهمين أياه بالعيب في الذات الإلهيه، وأصبح المريدون قضاة وأصبخح العم العجوز مستعطفا ونافضا عن نفسه التهمة لأنه لم ينتبه أن ما كان يلعب معهم ليسوا جراء ارانب بريئة بل جراء عرسة دموية حادة الأنياب
معلش يا نجم
هو اللعب مع العيال كده
أخرته وحشه

حيره: من أين أتت تلك اليرقات؟
أرتكب التسعينيون الكثير من الأخطاء والخطايا، وربما كانت خطيئتنا الكبرى أو عقوبتنا العظمى هي أضمحلالنا جميعا ونلاشينا بنهاية العقد الأخير من القرن الماضي فكأننا لم نكن أبدا، بل غرقنا جميعا في الصمت وفي وقت واحد كأننا أتفقنا على ذلك ونحن من لم نتفق أبدا على شىء، نعم خطايانا لا تحصى، إلا أن خطيئة وحية لم نرتكبها، لم نفقس تلك اليرقات التي تملأ العالم بشقيه الأفتراضي والواقعي، لم نكن معلميهم ولا مرشديهم ولم نرهم حتى أو نعرف عنهم شيئا، قد يشبهوننا مرتكبين نفس الأخطاء ومرتدين نفس الأقنعة المضحكة والملابس المسخره، لكنهم ليسوا نحن، تلك اليرقات الذين يجمعهم أنهم ولدوا جميعا بعد عام 1978، والذين يظنون أن (رجل المستحيل) التي قرأوها في طفولتهم أدب مغامرات بجد، وأن الدكتور نبيل فاروق كاتب حقيقي وليس ماكينة أستنساخ للأفلام والمسلسلات الأمريكيه، هؤلاء الذين يصنعون من محمد منير (أيقونة جيلنا الموسيقية) إلها للموسيقى وهو من لم يقدم حتى الأن شيئا يتجاوز ألبوم (وسط الدايره ) الخرافي المستوى الإبداعي ، تلك اليرقات التي لم ننتجها من اين أتت؟ ينص القانون الطبيعي على أن الطبيعة لا تحتمل الفراغ وأنه لا يمكن أن يبقى أحد المجالات الطبيعية خاويا، بمعنى أنه لو أنقرضت الطيور جميعا وخلت منها السماء لتطورت كائنات أخرى لتحتل موقعها، هكذا ما كان، بخلو الساحة بالموت المفاجىء للتسعينيين أصبح المجال الطبيعي خاويا لكائنات أمثال أحمد العايدي ومن يقرأون له ويمتلكون صفاقة تكفي للأعجاب بهوبالتفاهة التي يلوث بها الصفحات، تلك اليرقات التي وضعت بويضاتها في جثة جيل التسعينيين لتفقس خارجة من الجثة المتعفنة لجراد نهاية القرن تروج لعالم جديد، حيث النضال السياسي شيء شبيه بألعاب الكمبيوتر، والأدب تكرار أبله للرغي وأعادة أنتاج للأفلام الأمريكيه، الجيل الذي يجهز لخوض ثورة ملونة جديدة تسقط الكهنة القدامى وتأتي بألعوبة أمريكية ملونة تقودنا لليبراليه والحريه على النموذج اللبناني والأوكراني والجورجي والذي بدأها بأكتشافه للملكيه متأثرا بالمصدر الأعظم لثقافته (المسلسلات التلفزيونيه).

مخرج
عام 1956 كتب الكاتب البريطاني جون أسبورن مسرحيته (أنظر خلفك في غضب) ورغم أنني أنظر خلفي بأشمئزاز فأنني لا أملك سوى أن أنظر أمامي بغضب، بغضب عارم لمستقبل لا معنى له

Saturday, August 09, 2008

مات ..محمود درويش


مات محمود درويش
يا لفرحتكم يا أولاد الأفاعي

قطار الساعة الواحدة






رجل و امرأة يفترقان

ينفضان الورد عن قلبيهما ،

ينكسران .

يخرج الظلّ من الظلّ

يصيران ثلاثة :

رجلا

و امرأة

و الوقت ...

لا يأتي القطار

فيعودان إلى المقهى

يقولان كلاما آخرا ،

ينسجمان

و يحبّان بزوغ الفجر من أوتار جيتار

و لا يفترقان ...

.. و تلفت أجيل الطرف في ساحات هذا القلب .

ناداني زقاق ورفاق يدخلون القبو و النسيان في مدريد .

لا أنسى من المرأة إلّا وجهها أو فرحي ...

أنساك أنساك و أنساك كثيرا

لو تأخّرنا قليلا

عن قطار الواحدة .

لو جلسنا ساعة في المطعم الصيني ،

لو مرّت طيور عائدة .

لو قرأنا صحف الليل

لكنّا

رجلا و امرأة يلتقيان ...