Friday, June 29, 2007

كلام يودي في داهية والحركة الديمقراطية المصرية المصابة بالحول الفكري-1



خلال العام الماضي كنت أركز على مراقبة حراك ما أصطلح على تسميته (القوى الداعية للتغيير) في مصر، وكان الأمر مثيرا فعلا، إلا ان أكثر ما جذب أهتمامي هو هذا التخليط الغريب والعمى الفكري الذي تغرق فيه كل تلك التكتلات والذي يجعلني أصمها بأنها مصابة بما يشبه الحول الفكري فلا يمكنها أن ترى فعلا اين هي وأين الأخرون وإلى اين تتجه، وفي هذه المجموعة من المقالات ساحاول أن أحللها نوعا ما واطرح وجهة نظر أظنها مختلفة والتكتلات التي سأتحدث عنها هي:

القضاة

الأخوان

القوميين

اليسار

كفايه.

بما أني لسه شارب قهوتي مع سيجارتين على سلم المبنى في الشارع- التدخين ممنوع داخل المبنى- وبما أنه لاشيء أفعله اليوم بالعمل فقد قررت أن أكتب بعض الأفكار عن أكثر الموضوعات خطورة للكتابة عنه في مصر، سأكتب عن جزء من النظام لا يجرؤ ولم يجرؤ أحد عن مسه ولو بكلمة واحدة علنا، سيتساءل البعض أي جزء ذاك، ألم نطيل ألسنتنا كيف شئنا على (بطابيط الداخلية ) الأشاوس، ألم نتطاول حتى على مقام الراجل الطيب رئيس الجمهورية- لامؤاخذه- حسني مبارك خان، فما الذي يبقى؟

يبقى ذلك الشيء الذي لا يكتب أسمه في صحيفة أو مطبوع حتى تلحق به صفة (الشامخ) تتلوها صفة (العادل) وتحيط أسمه هالات التقديس والتدليل والتدليع، هل عرفتموه؟ إنه القضاء المصري الذي يتعامل الناس معه كأنما هبط من السماء أو كان الملائكة تحف أعضائه في حلهم وترحالهم، هل تعرفون لم هم قدس الأقداس والرعب الأعظم؟ أولا لأن الناس ما زالت تأمل- وفائا لتراثها الفرعوني المجيد- في أن ( الحكومة ) ليست كلها فاسدة وخرابا وأن القضاة بما يحيطهم في الوجدان الشعبي من ثقة وتكريم هم (الحكومه) التي يمكنها أن تحق الحق وترفع الظلم وثانيا لأن يا أصدقائي اصغر وكيل نيابة بأوائل العشرينات تخرج من كلية الحقوق من يومين اتنين ولسه ماما بتربطله الكرافتة يمتلك من القوة والسلطة والقدرة على البطش أكثر مما تمتلك حمولة قسم كامل من بطابيط الداخليه، (وهو ما تخلق منه المخيلة الشعبية أساطير عن أذلال رجال النيابة لبطابيط الداخلية والاستمتاع بتكديرهم) أثبت لكم؟ منذ العامين تقريبا تعرض الشاعر الكبير – بغض النظر عن رأينا بشعره- وكاتب الأهرام الدائم والحامل لجائزة الدولة التقديرية (فاروق جويده)لتجربة شديدة القسوة كادت تودي بحياته، أتمنى أن البعض يذكرون تلك التجربة التي جعلته ينقطع عن الكتابة لأشهر في الأهرام، كانت خطيئة جويده العظمى هي أنه نشر –مجرد نشر- خطابات أرسلت إليه تشكو من استفحال ظاهرة الواسطة فيما يخص تعيينات أعضاء النيابة الجدد – وهو في الحقيقة موضوع مستفحل فوق ما تتخيلون وعلى ذكره لماذا أغلبية وكلاء النيابة بالإسكندرية من دمنهور ولا مؤاخذه؟- طبعا الجهاز القضائي لم يعجبه هذا المساس بقداسة روعة بهاء سمو جلال عدالة حكمته فقام النائب العام باستدعاء فاروق جويده وتم (تنشيره) لأكثر من 14 ساعة بسراي النيابه ومن ثم تم (كويه) لساعات طويلة أخرى في تحقيق طويل عويص وكان من نتيجة هذا التعذيب – اللي بالذوق- أن الرجل المريض القلب – وهو ما لا يخفى على عدالة القضاء المصري- قد أصابته أزمة قلبية حادة نقل على اثرها للعناية المركزة- وأعتقد أن هذا هو ما هدفت أليه عدالة القضاء المصري- تأديب رأس كبير كفاروق جويده هي رسالة قوية صريحة فصيحة لأي رأس بمصر أن عدالة فخامة جلالة عظمة ألوهية الجهاز القضائي لا يجب ان تمس بأي شكل سوى بالجملة (الكليشيه) المقدسة "نثق في عدالة قضاء مصر الشامخ"، ليكن هل أطلب منكم أن تضعوا هذه الحادثة في أذهانكم أثناء قراءتكم لما يلي؟ لو سمحتم

تلك كانت تجربة فاروق جويده، وأنا لي تجربة كذلك – طبعا حياتي كلها تجارب ، هما الشعرتين البيض دول ببلاش- من عامين ورطني أحد الأصدقاء الأعزاء في مصاحبته لسراي النيابة بالمنشية نتيجة لتعرضه لاتهام باطل وظالم من (بطبوط داخليه)، والموضوع لم يتجاوز تهمة بمخالفة، وهذا الصديق لم يدعوني لأنني مثلا من ذوى الحول والطول، أو أن لي علاقة بعجائب دهاليز القانون المصري والعياذ بالله، بل لأنه توسم في المنفعة بأمارة أن أغلب المقاطيع الذين أجلس معهم على القهوة هم خريجو كلية الحقوق، المهم ذهبنا لسراي النيابة بالمنشية ، وبالتحديد نيابة سيدي جابر على ما أذكر، المبنى بشع من الداخل والخارج، ببساطة وفصاحة( معفن) دورة مياه عمومية تم إعادة صياغتها لتكون مقرا لنيابات الإسكندرية – سيبك من فخامة وضخامة مبنى مجمع المحاكم الذي لا يبعد عنها سوى أمتار- بداية المبنى اساسا محتل من أشاوس الداخلية العظام، صولات بشوارب مسرحية وكروش متضخمة ينتشرون في كل مكان وخاصة أمام أبواب الغرف التي يحتلها جلالة سعادة قداسة وكلاء النيابة، والحقيقة أن كل هدفنا كان تقديم مذكرة بسيطة لعظمة سعادتلو رئيس أحد النيابات، وهذه المهمة الهرقلية تتم على مرحلتين الأولى: التلطع عدة ساعات بالممر المعتم الذي تمطره مياه الرشح من الطابق العلوي وسط قطعان من المربوطين بالحبال الذين يحضرهم أشاوس الداخلية فوجا بعد فوج للعرض على النيابة،وبعدها دفع المعلوم ليدي اشوس الداخلية، عظمة الصول- الخرى- الواقف على الباب ليمكننا أدخال المذكرة أو الدخول للمثول في نور جلال بهاء رئيس النيابة، وطبعا المعلوم يزيد بزيادة فداحة الإتهام، في خلال أربع أو خمس ساعات قضيناها أمام المحراب المقدس لجلالة رئيس النيابة تجمع بين يدي ذلك الصول الأشوس ما لا يقل عن ألف جنيه، والسؤال البائخ هو: هل لا يعلم جلالته بنهر النقود الذي يصب بين يدي الصول على بابه؟إلا أن هذا التحالف ما بين الداخلية والعدل لا يقتصر على جمع البراطيل أمام الأبواب، فكلما خرج أحد وكلاء النيابة – وجلهم شباب صغار السن خجولون- من مكتبة للذهاب لدورة المياه مثلا أو لشرب الشاي والإفطار الجماعي – الذي هو طقس بيروقراطي مصري مقدس- فإن أشاوس الداخلية يهرعون إلى إرعاب الواقفين ودفعهم نحو الحائط لإفساح الطريق لفخامة جلالة عظمة نيافة وكيل النيابة الذي لا يجب أن يحتك بالعامة والرعاع والزعر والحرافيش من المصريين، ثم كان أن نسيت انتمائي المصري الصميم وتنكرت لتراثنا العريق الطويل وهمست لصديقي:" أيه الموضوع؟ هو فيه أيه؟ ليه التعظيم والتفخيم الرهيب ده؟ وكلاء النيابة أولا وأخيرا هم موظفو حكومة ندفع نحن الشعب رواتبهم ليعملوا في خدمتنا وتسهيل أمورنا." وإذا بالمحيطين بنا يحدقون في بهلع كأنما أنكرت أن بالبحر أمواج أو أدعيت أن جبريل يطير بهليكوبتر لا بأجنحة نورانية، وسرعان ما أحاطتنا دائرة خاوية من الناس الذين نفروا منا كأننا مصابون بالجرب أو الجذام.

لنجمد هذه اللقطة ونضيفها للأولى

لكن ما الهدف مما حكيت؟

الهدف هو التفكر فعلا فيما تعنيه حركة القضاة داخل تيار الحركة الوطنية الداعية للتغيير، تلك الحركة التي انطلقت أساسا داعية لاستقلال القضاء.

لكن ما معنى استقلال القضاء؟

التعبير الأبسط هو استقلاله عن السلطتين التشريعية والتنفيذية طبقا لقاعدة (الفصل بين السلطات)

وهي قاعدة تستحق النقاش والمراجعة.

لكن ما يهم في هذا النقاش هو إلى أي مدى يريد القضاة الاستقلال؟

وعن من يريدون الاستقلال؟

وكيف سيكون استقلالهم؟

ثم هل القضاة فعلا قوة دافعة حقيقية من أجل وطن ديمقراطي حر؟

أبدأ بطرح هذه الأسئلة محاولا الوصول لإجابات

وطبعا إجاباتكم أكثر من مرحب بها

فهل أكمل؟

(أقول لكم بصراحة أني أنا خفت أنشر البوست ده رغم أني ماخفتش أبدا وأنا أنشر بوستات تهاجم رئيس الجمهورية –لامؤاخذه- أو وزارة الداخلية – أكرمكم الله- يا نهار أسود دول مرعبين بجد).

3 comments:

Anonymous said...

حبيبي سلسيوس , انا سعيد لانك بخير و قريبا تعود لتعانق الاسكندرية من جديد , خ\ بالك من نفسك . و لا تنسانا.
خوكم انا

عباس العبد said...

انا اتاخرت كتير فى قراية البوست ده
لأنى لسه مغير شغلى و واخد شهر علقه كل يوم شغل
مفيش اجازة لمدة تلات اشهر
فانا اسف انى لم احضر مجيئك و لا عودتك
لكن
حمد الله على السلامة مرتين
مرة للقاهرة و مرة لدبى
بوست جميل
انتظر اجزائه كالعادة

Alexandrian far away said...

ألف مبروك ع الشغل الجديد يا عبس وأتمنى أنك تستمتع بيه أكثر من القديم
بخصوص هذا البوست
بجد يا عباس أنت مبعوث الأله تحوتي عشان تقوي قلبي وتخليني أكمل الكلام
لا تقلق البوست ده طويل قوى أصله وحأكمله لأن لازم حد يقول أن مش بس الأمبراطور عريان
\لأ ده الواد الى قال أنه عريان هو كمان مؤخرته مكشوفه ولامؤاخذه