Sunday, January 27, 2008

المطر...غزه...سيناء









بتمطر
بتمطر هنا في دبي
في مدينة البلاستيك النابتة وسط الكثبان
وهي هنا تمطر مطر مختلف
المطر هنا قطرات متلاحقة صغيرة لا تتوقف
لا تشتد ولا تنقطع قبل أيام
يبهرني كيف أن قطرات صغيرة متلاحقة كتلك قادرة على أن تحدث هذا

هكذا كانت الإمارات الاسبوع قبل الماضي (تماما بعد زيارة مولانا بوش ولي النعم)، قطرات صغيرة من المطر أشبه بالرذاذ قادرة على تحويل شوارع دبي والشارقة لأنهار، دبي بكل جنون العظمة الذي تكاد تنفجر به، بكل غرورها الفارغ وأبراجها العملاقة وأقتصادها الذي يتحدث به الركبان وجزرها الصناعية غرقت في قطيرات المطر المتلاحقة
العنيدة
المثابرة التي أسرتها محولة أياها لمدينة القنوات المائية
الأن هي تمطر مرة أخرى
قطيرات عنيدة متتالية أخرى
صغيرة ومثابره
أظنها ستمنحنا فيضانا أخر

هي تمطر هنا كما تمطر بمصر
كما تمطر على أبواب غزه التي إنهارت

كيف أشعر في إتجاه ما حدث؟
من شهور طويلة ركبت السيارة مع صديقي الفلسطيني الذي لم يرى فلسطين ابدا، شغل في الكاسيت أغاني شعبية وثورية فلسطينية
خنقته العبارة ودمعت عيناه
بقطرات صغيرة كثيرة متتالية كهذا المطر
أنا أيضا دمعت عيناي
هو بكى وطنه السليب
لكن ماذا بكيت أنا؟
بكيت فلسطين؟
لم؟
هي ليست ارضي
ولا وطني
ولم ارها أبدا
ولست قوميا عربيا
ولا أخوانجي
ولا أؤمن لا بوحدة أمة عربية ولا بوحدة أمة إسلاميه
لم بكيتها؟
أي شىء بتلك الأرض؟
لا
بل أي شىء بنا نحن المصريين يربطنا بها
لم تكن أرضنا أبدا وإن حكمناها
لم نطالب بها إبدا وإن سيطرنا عليها
ولم ننزف من أجل أرض كما نزفنا من أجلها (ألهم إلا سيناء)
لم يقتل مصريون عبر التاريخ كما قتل على ارضها ألهم إلا سيناء)
منذ البدء كانت فلسطين الأرض التي يحارب المصريون عليها ومن أجلها
كم مرة حاربنا على أرضها؟
شعوب الرمال
الهكسوس
الحيثيين
شعوب البحر
الصليبيين
العثمانيين
العبرانيين الجدد (إسرائيل)
لو نبشتم تحت أحجارها لوجدتم تحت كل حجر جمجمة مصرية
تلك الأرض التي أرتوت من دمائنا
كيف لا تكون مقدسة؟


لو ليس نحن....فمن؟

لو ليس الأن....فمتى؟


تذكرت تلك الجملة منفصلة عن سياقها وأنا أرى أسوار غزة تنهار والغزاوية يدخلون مصر


نعم لو ليس نحن فمن؟، لو ليست مصر فمن؟ لو ليس المصريون فمن؟
متى كنا بخلاء؟ متى كنا مقبوضين اليد؟ متى أستطعنا أن لا نعطي؟

متى لم نفتح أذرعتنا لأحتضان كل من أحتمى بنا، كل من أستجار بنا، لو ليس نحن فمن؟

هم؟


أكيد لأ

لو لا نفتح الحدود للغزاويه فلمن نفتحها؟
لو لا نفتح الحدود للفلسطينيين فلمن نفتحها؟ ومن أولى منا بلحمنا ودمنا بذلك الشعب المستضعف في أحضاننا في أحضان مصر الحقيقية مصر القويه القادره المهيبه التي لا تخاف ليست مصر مبارك الخائفة الخانعة المرتعده

ولو ليس لهم سوى حق الجيرة و(الحيط في الحيط) كفاهم
لو ليس لهم سوى حق أن نجيرهم على من يستضعفهم كفاهم

كيف يستضعف شعب نحن جيرانه
كيف يجوع أناس نحن جيرتهم؟

لو ليست الهيبة لنا نحن المصريين
فلمن الهيبة؟
ولو ليس الجود والكرم منا نحن أبناء النيل فمن من؟

ولو لا نفتح حدودنا وأحضاننا وقلوبنا وبيوتنا
فمن؟

فلسطين
الطفلة الجريحة الراقدة على كتف مصر
لا خلاص لنا منها
ولا خلاص لها منا
هي منا بمثابة اللحم والدم
والعقيدة والمبدأ والتاريخ
درع مصر الشرقي
إن أنكسرنا فيها ضاعت مصر
وإن أنتصرنا فيها لم نقهر

لو لا يأتون الينا فلمن سيذهبون؟

لهؤلاء؟























مرة أخرى

لو ليست مصر ...فمن لها؟

لو ليس الأن...فمتى؟

طيب أستنى بس يا عم
أصبر عليا
أنا موافق
ع العين والراس وكل حاجه
يدخلوا في قلوبنا
وأحنا لها وكل حاجه
لكن

دي سينا يا أبو أسكندر
ســـــــــــــــيناء
أرض الفيروز
أرض حورس

سيناء
لأ مش سينا رجعت تاني لينا ومصر اليوم في عيد والمهرجانات التلفزيونيه
لأ
سينا ألي بجد
بحق وحقيقي
سيناء التي حاربنا من أجلها وعليها أكثر حتى مما حاربنا على الوادي أو من أجله
سيناء
أرض حورس
مقبرة الشهداء
لحمنا بجد بقى
مش كلام ولا شعارات ولا شعر
لحمنا بحقيقي
كل ذرة تراب فيها بغلاوة ذرة تراب في القاهره
كل متر من ارضها بغلاوة متر من أرض الوادي
سينا
بلدنا يا جدع
أرضنا
بتاعتنا
فيها كلام دي؟

أه فيها
أيه؟
أسرائيل طمعانه فيها مثلا؟
لأ
مش موضوع اسرائيل
أسرائيل طمعانه في أكتر من كده

أقولكم حاجه؟
سمعتم عن أختراع أسمه الحزب السوري القومي الإجتماعي ؟

هو بأختصار كده بينادي باقوميه السوريه وبتكوين سوريه الكبرى- من يريد الإستزادة فعليه بموقع الحزب عن طريق الرابط-

طيب وماله؟
بالهنا والشفا

أخوتنا برضه السوريين وحبايبنا وجران وأنا مراتي سوريه
ونهار أبيض لما تبقى سوريا الكبرى بدل سوريا بس

م م م م م م م م (لفظ ترقب)
شوفوا معايا البتاعه دي


وألى مش شايفها كويس يروح الرابط ده يمتع بيها نواظره

دي يا اسيادنا خريطة سوريا الكبرى طبقا للحزب السوري القومي الإجتماعي الذي هو على فكره عضو في الحكومه السوريه وشرعي وقانوني ، تشمل سوريا الكبرى كما هو مبين في الخريطه من الشرق للغرب:

العراق، الكويت، سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين، جزيرة قبرص و.....ســـيناء

أيوه
ســيناء
سينا بتاعة رجعت تاني لينا ومصر اليوم في عيد
سينا ألي شرق قناة السويس
سينا بتاعتنا
بيعتبرها الحزب القومي السوري الإجتماعي قطعة من سوريا الكبرى
مش بتاعتنا
مش أرضنا
بتاعتهم هما
أرضهم هما














طيب ليه؟
عشان مصر في افريقيا وسيناء في أسيا
تبقى مش بتاعتنا
بجد
هو ده الرد
يخرم ودنك السؤال الإستنكاري: هي سيناء مصريه؟
طيب ترد تقول ايه؟

في جلسه من أسبوعين مع شلة من فلسطينيين وسوريين عرفني عليهم صديقي الفلسطيني الذي بكينا سويا في السياره (فاكرين ولا تهتوا مني؟) المهم الشله ظريفه والناس محترمه وكالعاده الكلام أتوصل عن الظروف السياسيه ومش فاكر أجت سيرة سينا منين
لقيت واحد منهم بيقول الأتي:" هي سيناء مصريه؟ دي السلطان عبد العزيز العثماني وضعها أمانه عند مصر خوفا عليها من أطماع اليهود." مبدئيا اشهد له بالثقافة والمعرفة ودماثة الخلق، وأشهد له بالإفراط في مدح مصر والمصريين

لكن
لكن السؤال الملعون ده
هي سيناء مصريه؟

السلطان عبد العزيز وأمانه..؟!!
تخريفه؟
يمكن

كلام فارغ
غالبا

لا قيمة له

أكيد

ولا قيمة لحبات المطر الصغيرة التي لا تتوقف عن الهطول
تافهة كل منها ولا قيمة حقيقية لها...صحيح

منذ عام تقريبا أقترح أوزير اسرائيلي ان تمنح مصر جزءا من سيناء لتوطين الفلسطينيين...نقطه

الجمعه الماضيه في برنامج هيكل تحدث عن تقرير لهيئة أمريكية يطرح توطين الفلسطينيين بسيناء ، ويسجل أن سكان العريش هم بقايا الحاميات البوسنيه العثمانيه....نقطه


هو فيه نيه لنشل سيناء مننا ولا ايه؟


















هو أول الكلام كان أيه؟!!





Friday, January 18, 2008

الإسكندرية حبيبتي..الرحلة عبر الذكريات











مدخل خاص

قيل كلما أتسعت الرؤية ضاقت العبارة
وحين تتسع الرؤية لتشمل حياتك كلها تتقلص العبارة حتى التلاشي
صعبة هي الكتابة
عصية ومتمردة
أنا محترف كتابة
أتكسب عيشي من الكلمات
لكن الكتابة التي أقصدها ليست تلك
بل تلك الكتابة التي تأتي من الروح
التي تلتقط فيها أصابعك نبض قلبك مباشرة لتصبه كلمات
تبقى تلك الكتابة خاصة
سرية
مقدسة
كترانيم الديانات السرية القديمة
المدينة
الإسكندرية
أنصتت لصلواتي
قبلت تبتلي
أستقبلتني بأفضل ما يمكن أو سيكون
أستقبلتني بالعاصفة
السحابات الداكنة التي أعتصرت طائرة الخطوط العربية الخرده كانت ترحب بي
كانت كالمرور عبر بوابات سحرية
كالتطهير
كالتنقية
الإسكندرية أستقبلتني بعاصفة راعدة
كما فعلت في ذلك اليوم البعيد منذ أكثر من 37 عاما
حين مررت لهذا العالم للمرة الأولى (=ولدت).
داكنة كانت العاصفة
قوية
أحتضان قوي عاصر حميم
أعود أليها فتستقبلني بعاصفة
ممطرة غائمة
قوية
نقية
برية
عصية على الإخضاع
مقدسة
مغسولة بالمطر والنوة
تردني إليها
تقبلني بين أحضانها
كانت المدينة لي
ومرة أخرى كنت لها
ومرة أخرى كنت عاشقها وشاعرها والمتبتل في محراب أسرارها

مدخل أكثر خصوصية

في فيلم
Butter fly effect


يمتلك البطل القدرة على العودة في الزمن بواسطة قراءة يومياته القديمة وذلك ليحاول أن يصلح أخطاء الماضي
هذه الرحلة إلى الأسكندرية لم تكن مجرد عودة للوطن
كانت رحلة استنارة
أستجلاء للغوامض
إيجاد للإجابات
كانت رحلة داخل الذات
رحلة يقودها سؤال حارق
كيف وصلت إلى هنا؟
كيف وصلت إلى الإغتراب؟
أين هي النقطة التي أفسدت فيها حياتي لينحرف مسارها موصلا إلى المدن البلاستيكية القائمة بين الكثبان؟
ما هي الخطيئة التي أرتكبتها لأعاقب بالنفي إلى بلاد الرمال؟

أتعرفون أكثر ما يخيف في هذا العالم؟
أن تواجه ماضيك
وتدرك أنك لم تعد سوى قبر للشخص الذي كنته
والذي تظن أنه أنت
لكنك لست هو
أن تصبح مقبرة للشخص الذي كان يجب أن تصبح
مجرد جبانة لأحتمالات أوصلتها للإستحالة، وأحلام ميتة وتصورات لم تتحقق أبدا
صناديق من الكرتون تقبع تحت فراشي في الأسكندرية القديمة
خطابات لا أذكر أنني كتبتها لأناس لم أعد أعرفهم
أحكي عن بشر كانوا ذوي أهمية فائقة وقتها
لم أعد أذكر الأن من هم
مسودات قصائد لا أذكر كتابتها
خطط لا أذكر لم لم أنفذها
وأخرى لا أذكر لم لم تكتمل
لا أذكر
من أين أتت تلك الجملة؟
عجيبه
أنا حديدي الذاكرة لدرجة العذاب
لا أنسى أبدا
فكيف أنسى
لا لا أظنني نسيت
أنا فقط لست هو
لست من كتب تلك الخطابات
لست من وضع تلك الخطط
لست من عرف هؤلاء البشر
لست من رسم تلك اللوحات أو نظم تلك القصائد
فأنا لست هو
أنا المقبرة
مقبرته


شعور غريب أن تكون مقبرة
كتبوا عن مشاعر المباني والسيارات والملابس والأثاث والأدوات
لكن من كتب عن كيف تشعر المقبرة
أنا أعلم كيف تشعر المقبرة
أنا مقبرة
تسير وتأكل
تتنفس وتدخن
تشرب وتعمل
وتبقى مقبرة
ذلك الضوء الرمادي المغسول بالمطر والنافذ من بين السحابات
أضاء لي الحقيقة
تذكرت ذلك الفيلم الملعون وأنا أنبش الصناديق المترعة بروح ذلك المدفون بداخلي
وقفت أمام لوحاتي القديمة
أمي تخزنها مغطاة بملاءة قديمة
وقفت أمامها صامتا مطرقا
لوقت طويل
كأنني أمام مقام مقدس
لم أجد الشجاعة الكافية لأكشف عنها غطائها
لأواجهها
أستدرت وخرجت من الغرفة مهزوما
أين أخطأت؟
أي نقطة في حياتي أنحرف عندها مساري
ومات ذاك الذي كان يجب أن أكونه؟
بقي السؤال معلق فوق رأسي
ذهبت للكلية لإستخراج نسخ إضافية من شهادة تخرجي
ذلك الشارع الطويل الهادىء ما بين الكورنيش والترام
ذلك الشارع ما بين محطة مظلوم ومحطة قصر الصفا
ملعون ذلك الشارع
صديقي كان
أو هل أقول صديقه؟
مشحون بذكريات لا نهاية لها
كل تلك الذكريات
كل تلك الأمال والخيبات
لحظات السعادة وساعات الألم
الكلمات
اللمسات
الهمسات
الأفكار
الحوارات
العراك
بقيت حية
بقى الشارع يتذكر
بقى يتذكرني
يتذكره
كدت أتهشم من ثقل تدفق الذكريات
لم أمر به منذ سنوات طويلة
طويلة جدا
تبدو وكأنما منذ الأزل
حين أحتضنني حارس الكلية الطيب وعيناه مغرورقتان بالدموع
كدت أتهاوى
دعاني للقهوة
أعتذرت
وعدته بالعودة في الغد
ولم أفعل
هربت
فررت
كيف لو أدرك أنني لست هو؟
كيف لو أدرك أنني مقبرته؟

لماذا أكتب لكم كل ذلك؟
ولماذا تقرأونه؟؟
للقلة الوفية التي التي قد تصل لهنا تحياتي ومعزتي
وأعتذاري

المدينة كانت مفتوحة على سعتها لي
كل الأشباح التي كتبت عنها الأشعار ونسيت كانت تنتظرني
تشتاق ألي
كانت تنتظره
تشتاق أليه
تهمس لي كما أعتادت أن تفعل له
هو.....
نبي الأشباح الأخير
من تنبأ على المدينة بالخراب
لم يكن يتنبأ لها
كان يتنبأ لنفسه
كان الخراب خرابه
والموت موته
والنفي نفيه
أنا قتلته
اللعنه كم كان قويا
صلبا
بريا وحشيا
أنا قتلته
قتلته وألتهمته
أصبحت مقبرته
قتلته وأكلته وأقنعت الجميع أنني هو
يا لي من شيطان
لكن من أنا؟
هو من أتى بي
أنا خوفه وضعفه وقلة أيمانه
أنا رغبته في أن يقبل
أن يحصل على صكوك الغفران والقبول
أنا ذنب المتمرد حين يخشى تمرده
أنا من تنبأ بي في أشعاره
ورسمني بلوحاته
أفلت من إسار الكلمات
من إساتر الألوان
قتلته وألتهمته
وأحتللت مكانه
لو أني فقط
فقط
أمنح
فرصة واحدة
واحدة فقط
للرجوع في الزمن
ولا أخذ ذلك المنعطف الخاطىء
لا أخطو تلك الخطوة التي أردتني
فقط
لو أنني
أغلقت الصناديق
خفت أن أنبش بقيتها
حقيقة خفت
كما خفت أن أزور داخل القلعه
ومقابر كوم الشقافة
خفت أن أواجهه
خفت أن أحييه
خفت أن أبقى ولا أعود لمدن الكثبان البلاستيكيه

صليت لها أن أبقيني عندك
فهتفت في روحي : أن أبقى
زلزلتني
فتتني
هشمتني
وعادت لتجمعني
أبقى عندي
لا تذهب
لا تعود لهناك
روحك عندي
فلما تذهب؟
يا للحسرة
رحلت
تمسكت بي
هتفت بها أبقيني عندك ولو بأن تميتني
أن أموت بأرضك
أبقى حيا بأساطيرك أن أرحل
أكون ميتا بأرض الأغراب
بأرض الرمال
خارج المدينة المقدسة

أه يا وطني
كان علي أن أرحل لأعلم كم أنت رائع
أه يا مصر كان علي تركك
لأعرف كم أنت رائعة وبهية وطيبة وحنونة وجميلة وعظيمة ومجيدة
كان علي أن أرحل لأقع في حبك مرة أخرى
لأدرك أني لا أكون سوى بك
فيك
معك

جملة أعتراضية
تقول ترنيمة من غرب أفريقيا:

ها أنا أقف وحيدا
لكنني لست بوحيد
أنا أعرف من أنا أنا أعرف من هو أبي
أنا أعرف من هم أسلافي
يأتون ليقفون خلفي
أنا أخرهم وهم يمتدون في صف خلفي إلى بداية الزمان
يأتي أسلافي ويقفون خلف
ي
كل رجل أنحدر من صلبه يحضر ويشد من أزري
أنا لست وحيدا
جملة أعتراضية ثانية:
ترنيمة من كتاب الموت
أنهض
لقد بعثت
أنهض
لقد نوديت بأسمك
إنك لن تموت أبدا
أنهض
أدفع بنفسك بين النجوم التي لا تموت أبدا
إنك لن تمو أبدا

أشتريت عنخا فضية صغيرة لي
وأخرى أكبر لحبيبتي
تعويذة ضد أرض الكثبان
تقدمة لأسلافي
أن تعالوا وقفوا خلفي
وعد لأرضي أني عائد عائد إليها
لا تنساني ولا أنساها
لا أقسو عليها ولا تقسو علي
قطعة من مصر
أبقيها على صدري
قطعة من ذاكرتي أهديها لحبيبتي
عسى أن لا تنسانا الأرواح القديمة
عسى أن تمنحنا حتحور الخصب في أرض القفر
عسى أن يمنحنا تحوتي المعرفة في أرض الظلام
عسى أن يضىء حورس لنا الأفق
عسى أن تملأ أيزيس قلوبنا بالبهجة
عسى أن تضع باستت الإبتسامة على شفاهنا

هي:
لحبيبتي أبتسامة لا مثيل لها
تسكن شفتيها الإبتسامة
لا تبرحها
حتى حينت تعبس
أو تبكي
تبقى شفتيها مبتسمتين
وحين تبتسم
يضىء وجهها كله
لم ارى شخصا مثلها
تبتسم بشفتيها وعينيها وأنفها ووجنتيها وحاجبيها
أبتسامة كبيرة وضيئة طيبة دافئة
كشمسنا الطيبة حين تبتسم وسط الغيوم
هذه المرة نزلت عندهم في البيت
تركت لي غرفتها
تركت لي سريرها
كل مساء كانت تغطيني وتقبلني وتقول لي تصبح على خير
وحين تنهض كل صباح تهرع لتجلس بحضني
صامتة
ناعمة
كقطة
تقشر لي البرتقال وتطعمني فصوصه
تعد لي القهوة كما أحبها
ساده وبوش
تسميها ( قهوه أسكندراني)
جميلة هي سوريا
يا لروعة ألتقاء الجبل بالبحر
أنا الأتي من أرض أوزير المنبسطة بلا حدود
أبهرتني الجبال
شامخة وأبية
لكنه أيضا خصبة وطيبة
تحضن البساتين والضياع
وتحضن خطواتي أنا وهي


لأن أسمي على الياهو هو سيرابيس
على أسم إله مدينتي القديم
تناديني هي (أبيسي)
تمنحني الألوهة كلما نادتني
هذه الرحلة تزوجنا
عجيب أن يكون أمر حيوي كهذا ملىء بالأوراق والأختام والرشاوي والدمغات والموظفين
لا يهم
أصبحت زوجتي
وكأننا كنا نحتاج لأوراقهم وأختامهم
لنكون زوجين
في المطعم على قمة الجبل
كان صقر يحوم ثابتا في السماء
قلت لها لابد أنه يصطاد
لكنني كنت أعرف أنه حورس يبتسم لي
يبتسم لنا
يدفىء قلب أبنه بحضوره
يعدنا بالحماية والقوة
كانت تملأ العالم بأبتسامتها
وعرفت أنني لن أكون وحيدا مرة أخرى أبدا
وعرفت أنها أيزيس التي ستحيي ذلك المدفون بداخلي
عشتار التي ستفك إسار الموت عن أوزير
إمرأتي التي تسكنها روح طفلة والتي تمنحني الألوهة كلما نادتني
أبيسي

دمشق :

مقدسة هي المدن
المدن الحقيقة
لا مدن الكثبان البلاستيكية
صباح شديد البرودة
أثنين فوق الصفر
أتمشى بشوارع دمشق وحيدا
باردة وممطرة
جميلة
طيبة
تبتسم الشوارع بوجهي
تفسح لي مكان
ودودة هي شوارعك يا دمشق
ودودة هي بناياتك
أجلس على مقهى بجانب فندق الشام
أطلب أكسبرسو
أطلق عيناي عبر النافذة للشوارع المغتسلة بالمطر
يجلس بجانبي عجوزين غالبا يعملان بالصحافة
أبتسم لحوارهما
كأنما روح واحدة تربط القاهرة والإسكندرية ودمشق
تلك العراقة
الحقيقة
الذكريات التي حفظتها الجدران
الخطوات التي حفظتها الشوارع
أجلس في ذلك المقهى
أرشف قهوتي
وأنظر لشوارع دمشق المغسولة بالمطر
وأشعر بقلبي مترع بالسعادة
كانت المدينة تنظر لروحي
وكنت أنظر لروحها
كنا صديقين
سأحبك دائما يا دمشق
وسأحن أليك ما حييت

ثم ....عدت للإمارات