Sunday, April 27, 2008

كل شـم نســيم وأنتم طيبين...غصب عنهم



كـــل شـــم نســـيم وأنتي طيبه يا مصر
كل شــم نسيم وأنتي منوره وقويه
كل شــم نسيم والعالم كله بخير وسعاده
كل شــم نسـيم وأنتم طيبين
غصب عن كل العمم والدقون والفتاوي الغبيه وشعوب الرمال التي لا نسيم لديها ولا شىء تشمه
كل سنه وأنتم طيبين

Friday, April 18, 2008

لا تحزن..فلا أحد معك..الفصل الرابع


( المسرح مظلم تماما، نسمع من بعيد طقطقات وفرقعات، وما يشبه أنفجارات بعيدة وأصوات طائرات وصافرات سيارات أسعاف ومطافىء مسعورة، تسمع طقطقة قداحة عدة مرات وفي كل مرة تلتمع شرارة في الظلام الدامس، تشتعل القداحة، على ضوئها الخافت نرى أنا جالس على الأرض مسندا ظهره للصندوق يشعل شمعة، يتنهد ويحدق أمامه صامتا مواجها الجمهور بجانبه الأيسر، ديكور الصالة كما هو في الفصل الماضي ما عدا أن النافذة الكبيرة محجوبة بشيش حصيرة،يدخل هو من اليسار حاملا شمعة أكبر وضوئها أعلى، يضعها على الصندوق ويقترب ببطء شديد من النافذة كأنما هو خائف، يشد خيوطها ليفتح الريشات، يغمر الغرفة ضوء أحمر كأنما حريق هائل يشتعل في الخارج، الضوء يكشف إلى أقصى يمين الصالة تمثال بلاستيكي (مانيكان) لأمرأة طويلة عجفاء كشرة الوجه بشعر رمادي تربطه خلف أذنيها وتمسك خرزانة طويلة، هو يذعر لثانية كأنما فوجىء بها، يقترب منها بحذر، يتأملا مقربا وجهه من وجهها، يهز كتفيه ويذهب ليجلس بجانب الصندوق مسندا ظهره عليه مواجها الجمهور بجانبه الأيمن، ظهره لظهر أنا، لا ينظر إليه) يشعل سيجارة وينفث دخانها متنهدا وناظرا للسقف

هو:(دون أن يلتفت) بأقولك

أنا :(دون أن يلتفت) قول

هو: مين دي؟

أنا: أبله أبتسام

هو: وأيه الي جابها؟

أنا: هي جت لوحدها، ماحدش جابها

هو: جت لوحدها؟

أنا: أيوه..هي صغيره؟

هو: ومالها متخشبه كده ومطنشانا؟

أنا: ما هي ميته ..الله يرحمها

هو: بجد؟ ماتت أمتى؟

أنا:(هامسا) من زمان، بس وطي صوتك، لأنها غالبا ما تعرفش

هو: ما تعرفش أنها ماتت؟

أنا: (هامسا) أيوه ما تعرفش، فما تجرحش مشاعرها

هو: طيب أنت مقعدها معانا ليه؟

أنا: يمكن تنفع، أحتمال نحتاجها هي والخرزانه عشان العيال بتوع أبتدائي يقعدوا في فصولهم ويبطلوا يروحوا ناحية فصول ثانوي

هو: صح..خطر برضه يروحوا هناك

(برهة صمت)

هو: وأخرته؟

أنا: هو أيه؟

هو: أخرة الصمت ده أيه؟

أنا: ما أنا بكلمك أهوه، فين الصمت؟

هو: الصمت داخلك

أنا: عاوزني أقول أيه؟

هو: مفروض تتكلم، تجاوب، ترد، تتفاعل

أنا: كل ده؟ أيه المجهود ده كله؟

هو: مالك؟

أنا: ظلام، ظلام دامس

هو: عجيبه..المعرفه نور

أنا: المعرفه وسط العارفين نور، والحكمة بين الحكماء شمس، لكن المعرفة وسط الجهلاء لعنه، والحكمه وسط مزيج الجهل والغرور بتجلب الأذى

هو: ناقص تردد سفر الجامعه بتاع سليمان

أنا: كلام فارغ

هو: الناس مش فهماك

أنا: ولا أنا فاهمهم..خالصين

هو: بجد؟ مش فاهمهم بجد؟

أنا: الحقيقه لأ، أنا بأقول كده بس، لكن أنا غالبا فاهمهم

هو: فاكر حكاية العارفين الأربعه؟

أنا: لأ...قولها لي

هو: العارفون أربعه: من يعرف ويعرف أنه يعرف فذلك عالم فألتزموه، ومن لا يعرف ويعرف أنه لا يعرف فذلط طالب علم فعلموه، ومن يعرف ولا يعرف أنه يعرف فذلك ساه فذكروه، ومن لا يعرف ولا يعرف أنه يعرف فذلك جاهل فأجتنبوه
أنا: طيب ومن لا يعرف ويظن أنه يعرف؟

هو: (يحك رأسه) مش عارف، ما جبوش سيرة الكائن ده، تقريبا ما كانش موجود أياميهم

أنا: الأشكاليه سهله، القضايا الكبيره مهمله بشكل كامل وتام، القضايا الكبيره منسيه ومسكوت عنها، أو تقريبا متجاهله عمدا، القضايا الكبيره مفتته لجزئيات صغيره ما تكملش شكل على بعضه، ماحدش بيسأل نفسه حوالين المفاهيم الأساسيه الكبيره، الناس بتبح حلوقها وهي بتطالب بالديموقراطيه من غير ما تسأل يعني أيه ديموقراطيه، أو يعني أيه حريه، ، بتؤمن من غير ما تسأل يعني أيه أيمان، بتحارب على حاجات مش فاهمه هي أيه بالتحديد، ما حدش مستعد يسال أسئله كبيره ويدور على أجابات شامله صعبه معقده ومربكه، كله بياخد جزئيات أو تقريبا شظايا ويتبت فيها ويغرق في نوم لذيذ

هو: طيب ..والحل؟

أنا: وأنا مالي؟ هو أنا نبي مرسل، ألي عاوز يفهم يفهم وألي مش عاوز يصحي خلايا مخه خليه في الغيبوبه، خليهم يغرقوا في الجزئيات لحد القضايا الكليه ما تتنسى وتندثر تماما، أو تتشوه لدرجة ما حدش يقدر يتعرف عليها
هو: مش هو ده الحافز الأعمى ألي مفروض يحرك الناس؟

أنا: مصيبه الموضوع ده، المصيبه بتكتمل وتصبح كارثه كليه لما مش بس الناس يحركها حافز أعمى، لكن المثقفين كمان يحركهم حافز أعمى، لما يغرقوا وسط الأندفاع العاطفي للغوغاء ويتبنوه وينسوا أن وحش الغوغاء محتاج عقل يوجهه وإلا حتقلب بخراب ودمار تام

هو: الغوغاء...قصدك الناس؟

أنا: مش بالتحديد، الغوغاء هم الناس مندفعين خلف مشاعرهم بدون تفكير ومتجمعين بغريزة الحركة مع القطيع ، أقوى قوه مدمره في الوجود

هو: هي دي ألي بيحركها الأسلاميين؟

أنا: بالتحديد، (ينهض ويجلس على الصندوق منحنيا وواضعا كوعيه على ركبتيه ومحدقا في يديه) الأسلاميين بيدربوا نفسهم من فترة طويله على أستعمال السلاح ده، ، في حاجات زي موضوع وليمة لأعشاب البحر، والرسوم والفيلم وغيرها وغيرها، القصد لا دين ولا يحزنون، القصد هو تدريب الغوغاء كما تدرب وحشا مفترسا، وتعويدها الخروج موجهة في أي أتجاه هما عاوزينه، تحويل الناس لغوغاء غاضبه هائجة بأستمرار ومندفعه بمشاعر عمياء، السيطره على الوحش والقدره على توجيهه وأستعماله من أقدم فنون القوى الفاشيه، وكل ما تكلمهم يهددوك بالناس، وطبعا هما لا ناس ولا يحزنون، مجرد غوغاء عمياء متوحشه ومدمره، حتى الناس مسخوهم أولاد الضباع

هو: لكن ده سلاح خطر، (ينهض ويقف عند النافذة محدقا في الخارج) ممكن ينفلت ويفقدوا السيطره عليه

أنا: عشان كده الأخوان الأفاعي ما أشتركوش في الأضراب، مش عاوزين الناس تخرج إلا لأسبابهم التافهه العقيمه، مش عاوزينهم يبقوا ناس، عاوزينهم يفضلوا غوغاء بأستمرار

هو: سيبك أنت، الناس لو شبعت وأرتاحت وأطمئنت لمستقبلها مش حتعترض لو حكمت حكومه تنصب هبل في ميدان التحرير وتصلي له، حتقولك كفره بس كويسين والله ومريحينا

أنا: كلامك صحيح، سيبك من أي عيل متفلسف سمع عمرو خالد أكتر من اللزوم، الناس مش متدينه ولا حاجه، الناس عاوزه تستريح وتطمئن، لما الحل يبطل ييجي من الأرض بيبحلقوا في السما عشان تحلها، ولو لقوا حل على الأرض الموضوع كله حينتهي

هو: والأخوان الحلوين، حلهم أيه؟

أنا: يلتفت إليه، حلهم أبله أبتسام وخرزانتها...سؤال عجيب، تفتكر حيعملوا فينا أيه لو حكموا؟

هو: (ينصرف عن النافذة ويلتفت إليه، يرفع ياقة قميصه جانبيا) أكيد حيشنقونا...مافيهاش كلام

أنا: (يرفع رأسه) صحيح، يبقى الأجابه سهله، يا أحنا يا هما، المشانق لينا أو لهم، الموت لينا أو لهم، لا هم حيرحمونا، ولا أحنا مفروض نرحمهم، وهما الجماعه مستعدين الصراحه وجاهزين، الرك والباقي علينا أحنا بقى

هو: والليبراليين؟

أنا: (يبتسم) ظراف، حنبوسهم ونحطهم جنب الحيطه

هو: والنظام؟

أنا: تفتكر أيه؟

هو: (يشعل سيجاره ويتمشى ويديه خلف ظهره) بص يا سيدي الناس أصلها يا أما بتستهبل ، يا أما حمقاء لما تقول مش كل حاجه على الحكومه، تصدق عزه مغازي عطتني مفهوم رائع للأشتراكيه، بهرتني بيه الصراحه، ببساطه الأشتراكيه هي أرقى أنواع التكافل الأجتماعي، كده ببساطه، الأشتراكيه هي مسئولية المجتمع ككل عن أفراده، الحكومه مش بتجيب من بيت أبوها، الحكومه لا تملك أي شىء أصلا، دي فلوس المجتمع وبلد المجتمع وناتج عمل المجتمع والمجتمع يوزع ثروته بما يحقق الأحتياجات الأساسيه لكل أفراده، المجتمع مسئول عن أفراده، عن حياتهم وعملهم وصحتهم وحياتهم كلها، الدوله ما هي سوى هيئة تنظيميه، شوية موظفين بيشتغلوا عند المجتمع وبينظموا له أموره، هو ده العقد الأجتماعي ألي أنبنت عليه مصر منذ تأسيسها الأول بتوحيد القبائل القديمه، الدولة مسئوله عن الفرد منذ مولده ولحد ما يتحنط ويتحط في قبره، أو بالأحرى المجتمع مسئول عن الفرد، المجتمع ككل، هذا هو العقد الأجتماعي المصري، وهذه هي صخرة الأساس التي أنبنت عليها مصر منذ أول وجودها، وأي خروج عنه بيهدد وجود مصر نفسها كأمه وكمجتمع، ترابط المجتمع ذو الطبيعه الزراعيه والذي أعتمد دائما على الحركه الجماعيه وترابط كتل بشريه ضخمه، ، سقوط المسئولية الأجتماعية عن الفرد أفقد الفرد أرتباطه بالمجتمع وفككه، ببساطه الرأسماليه بتقتل مصر كأنما هي سرطان يأكل أحشائها

أنا: يعني قصدك الموضوع أكبر من مجرد أيدولوجيا؟

هو: طبعا، الموضوع تطوير عقد أجتماعي تاريخي تأسست عليه أمة كامله وأزدهرت وعاشت، عقد أجتماعي فصمه يعني فصم عرى المجتمع كله وبشكل كامل، سميها أشتراكيه مصريه لو عاوز،

أنا: ناصريه؟

هو:( ببرود) لأ طبعا...الناصريه بغض النظر عن كونها فكره شبحيبه أساسا ولا قوام لها هي مجرد أعادة أنتاج لفكرة رأسمالية الدوله، السيطره للمجتمع وليس للدوله، والملكيه للمجتمع وليس للدوله

أنا: (مبتسما) أنت ناوي تديني درس في الأنارشيه؟

هو: (مبتسما) العفو...وهو أنا أستجري برضه

(يقترب من النافذه ويبعد ريشات الشيش ويحدق للخارج)

هو: (دون أن يلتفت) قربت؟

أنا: ما تخافش ..لسه بعيده

هو: مش عارف ..أنا قلقان الصراحه

أنا: ما تقلقش، لسه فيه وقت..حنلحق

هو: (يلتفت إليه) يعني كان لازم تكتب ألي كتبته؟ لازم تشمت فيك الأعادي؟

أنا: لا أعادي ولا حاجه..ما تكبرش الموضوع (يضحك) فاكر نكتة الفار السكران ألي دخل البار قعد جنب الأسد وكل شويه يبص له ويقول فيه واحد حتطلع عين أهله النهارده؟

هو: (يترك النافذه) أيوه فاكرها، لكن قصدك أيه؟

أنا: يعني لما حد صغير يختار حد كبير عشان يعاديه ويحس أنه بمقاسه واجب على الكبير يتجاهله وما يصغرش نفسه

هو: (يجلس على الأرض ويفتح الصندوق ناظرا فيه) حناخده معانا؟

أنا: طبعا أكيد حناخده، تفتكر ممكن يعني نسيبه هنا؟

هو: (يعبث بداخل الصندوق) أنا مش فاهم الحقيقه أنت جبته ليه من الأول؟

أنا: ما كانش ينفع نسيبه هناك، زي ما هو ما ينفعش نسيبه هنا

هو: (مستمرا بالعبث في الصندوق) طيب هو كله هنا؟ كامل يعني؟

أنا: أكيد شوف كده

هو: (يمد يده داخل الصندوق ويخرج ذراعين وساقين وجذع بشري ملفوفة بلفائف مومياء وهو يعدها) عدد أتنين دراع، عدد أتنين ساق، عدد واحد جذع، لكن فين أهم حته؟

أنا: (يحدق ببرود في الأشلاء) دور كويس في الصندوق، كله موجود

هو: (يعبث في الصندوق ويخرج رأسا بلا ملامح ويرفعها منتصرا) أهيه، لقيتها (يضعها بجانب بقية الأجزاء) كله موجود يا ريس ، (يطرق ويتكلم هامساكأنما يحدث نفسه) تفتكر كان لازم نعمل فيه كده؟ ماكانش فيه حل تاني؟

أنا: أنت ألي بتقول كده؟ فاكر كان أحتضاره طويل ومؤلم قد أيه؟

هو: على رأيك، كده أحسن، على الأقل حفظناه

أنا: طيب رجعه الصندوق أحسن يستهوى

هو: ماشي (يعيد الأجزاء للصندوق بعناية وهو يتأمل كل منها قبل أن يضعها) والمعنى؟

أنا: معنى أيه؟

هو: معناه ومعنايا ومعناك ومعنى ألي بره ده، معنى الكلام والفعل، أيه المعنى؟

أنا: حتى أنت بتسأل عن المعنى؟

هو: ما هو لازم يكون فيه معنى لكل ده

أنا: ليه؟ عشان حضرتك الأنسان ألي فاكر نفسه إله ولازم كل شىء في الوجود يبرر نفسه قدام مفاهيمه ومعرفته وخبراته ومعانيه؟ أكتب على ورقه أي حاجه أنت عاوزها وعلقها على الوجود وبكده يبقى ده المعنى، مش ده ألي البشر بيعملوه دايما؟ بيعلقوا لافتات على كل شىء في الوجود عشان يديلوه معنى من وجهة نظرهم؟

هو : (محبطا) يعني مافيش معنى؟

أنا: أخلق معناك الخاص، أنا ماليش دعوه، أنت حر

هو: (يصمت مطرقا لبرهه) حنتقابل تاني هنا؟

أنا: (حاسما) لأ ..نهائيا مش حنتقابل تاني هنا

هو: (يشير لأبله أبتسام) وهي؟ حناخدها معانا هي كمان؟

أنا: لأ..هي حتيجي لوحدها

هو: (يطرق ويهمس لنفسه) صح فيه حاجات كتير حتيجي لوحدها

(إظلام ويتعالي صوت اللهب والضجيج الخارجي)

Monday, April 14, 2008

حكمة الشهر.....وكل شهر


مالك يا بخت من دون البخوت لبّخت.

الناس بتمشي في الطين وانا في الناشف لبخت