Friday, January 23, 2009

مصر..هي أمي....الساذجه - 3 من2


مدخل:
"المثقفون وحدهم هم الذين يمكنهم أكتساب الحكمة..فهؤلاء لديهم متسع من الوقت ويتمتعون بالأسترخاء والتأمل....فكيف يكتسب الحكمة من يسير خلف المحراث وهو مشغول بالعمل اليدوي طول الوقت...وكل حديثه لا يدور إلا حول الثيران والأبقار..!؟"
إيدموند بُرك- سياسي وبرلماني بريطاني
1797- 1729

وماذا بعد أن خيب هذا الشعب المستسلم الخانع أمال رجالات العلم والقيم العائلية والمشاعر السامية من رجالات الجامعه ؟،
وقبلهم خيب أمال شباب وشيوخ كفايه ومن أجل التغيير, ما الذي بقي في جعبة هذا الشعب العجيب الخانع الخاضع المستسلم؟

القضاه..هو ده ألي فاضل لكي لا يكون للناس حجه, أن يخرج القضاه بكل شموخهم وعدالتهم وعظمتهم وأوشحتهم ليقفوا للحكومة وقفة رجل واحد مطالبين بأستقلال القضاء-لا أعلم بالتحديد أستقلاله عن ماذا- ويتحدى القضاة الأجلاء الحكومة والنظام والرجل الكبير وكل مجموعة شخصيات مسلسل الكارتون المسمى الحكومه المصريه,في البدايه أندهش الشارع وأنفهش ودعكت مصر عينيهاغير مصدقه, وزمجر الأسد القضائي المهيب, وزائر ونفش معرفته المهيبة مهددا, وضرب الأرض ببراثنه القانونية والدستورية الباطشه, ووقف بكامل جلاله وبهائه وهيبته يتحدى ضباع الحكومة النهاشة وعرسها الجبانة, الحق أقول أنني أندهشت أنا الأخر وأنبهرت وجرفتني الحاله, وكدت أقف مع من وقفوا هاتفين: يا قضاة.. يا قضاة ارحمونا من الطغاة
ثم ويا للحسرة كالعادة أنفض الناس عنهم وتركوهم بمفردهم يواجهون عسف النظام ووحشيته, فكان أن غادر بعضهم أرض الوطن لبلاد تركب اللكسز والإنفينتي ليساعدوا على ترسيخ أستقلال القضاء وعدالته على ضفاف الخليج الثائر حيث معاقل تقديس الدستور وحماية أستقلال القضاء, بينما خاض أخرون معركة أخرى- وليست أخيرة- تهدف لتدعيم السلطة القضائية وترسيخ أركانها بتشددهم في مطالبة رئيس الجمهورية بتعيين ابنائهم في مناصب النيابة وأصرارهم على ذلك, ومن أفضل ممن ولد وتربى في بيت قانوني وتغذى منذ نعومة أظفاره على لبان العدالة وأحترام القانون, وما كان للوائح خاوية المضمون , جامدة وسخيفة أن تمنع هؤلاء الشباب الذي تجري في عروقه العدالة مجرى الدم من تولي مناصب النيابة ليكون لهم شرف تنسم خطوات ابائهم نحو منصات القضاء الشامخه.

لنقف هنا لنجري جردا بسيطا لعدد الحركات التمردية التي تخلت عنها الجماهير الخنوعة رغم أستماتة تلك الحركات في المطالبة بالحرية والديموقراطية والتخلص من البطش والتوريصث والتكلس الشيخوخي للنظام
1- كفايه وما رشح منها من حركات من أجل التغيير
2- أساتذة الجامعه
3-الحركات التدوينيه والفايسبوكيه
4- القضاه

الجميع خرج والجميع واجهته السلطة بكل بطشها والجميع تخلى عنهم الشعب ورفض أن يساندهم وتركهم بمفردهم
أي شعب ردىء هذا وأي جماهير مستعبدة خانعة تثير مشاعر الخجل في النفوس الحرة الأبيه؟

جملة أعتراضية: يمكن للسيدات الرقيقات القلوب وللسادة ذوي التربية المحافظة التوقف عن القراءة كما يفضل لأنصاف المثقفين المتنطعين أن ينتقلوا لمدونة أخرى ويريحوني ويستريحوا

من أين نبدأ تقييم ورصد تلك الحركات التمرديه؟
سيطر على تفكيري هذا السؤال لأيام طويلة حتى أعاقني عن الكتابه, ما هي تلك الحركات التمردية حقيقة, كيف يمكن تقييمها ورصدها بحيادية ودون الوقوع في فخ الأبتهاج الطفولي بأن الناس تتحرك وخلاص, أي حركه والسلام, ببساطه تلك الحركات التمردية هي حلقة جديدة في سلسلة الحركات الشوهاء المضطربة العبثية للطبقة البرجوازيه المصريه المشوهة التكوين والتركيب, والعاجزة لدرجة مدهشة عن أنجاز أي شىء.
لا يمنعني من وصمها بحقيقتها من حيث كونها شوهاء وعاجزه ما أعتاد الساده المهذبون قوله من كون الطبقة الوسطى (البرجوازيه) هي حاملة لقيم المجتمع , وتحذيرهم من أنقراضها وتلاشيها, أولا الساده بما فيهم بعض الملوثون بالماركسيه مخطئون في أعتقادي بأن الطبقة البرجوازيه المصريه معرضة للأنقراض, لم؟ الحقيقة أن مناعتها ضد الإنقراض لها علاقة ببدايتها الأولى والتي أتت شوهاء غير طبيعيه, فالطبقة البرجوازية المصرية تتميز بحدة عن تلك الأوروبيه بأنها لم تولد ولادة طبيعية ولم تخرج إلى النور نتاج تفاعل أجتماعي طبيعي, بل تم تخليقها تخليقا وأصطناعها صناعة بقرار سيادي, ولا يعني ذلك أن مصر لم تكن قادرة على أنتاج برجوازية طبيعيه بولادة حقيقيه, بل الحقيقة التاريخيه المؤلمه أن المجتمع الديناميكي الفعال الذي أزدهر طوال الدولة المملوكيه منتجا البوادر الأولى لتنظيمات مجتمع مدني (روابط الحرفيين), والأرهاصات الأولية لطبقة برجوازية حقيقة تنمو وسط خصوبة أزدهار التبادل التجاري وتراكم الثروات بين تجار من غير ذوي الأصول النبيلة الحاكمه (المماليك), هذا المجتمع المزدهر المتطور تعرض لأنتكاسة مخيفة حين سحقته الألة العسكرية العثمانية الهمجيه, والتي أسقطت مصر من سلم التطور التاريخي لتسقط في براثن التدهور الأجتماعي العثماني الذي كان ما يزال في مراحله الأولى من الإقطاع الشرقي مع روابط قوية مع بنيته الرعوية السابقة على تأسيس الدولة العثمانية الغازيه والمغتصبه, بداية البرجوازية الحقيقة جاءت بعدها بقرون على يد (محمد علي), الذي أحتاج لبناء دولته الحديثة خلق طبقة من المهنيين والموظفين والتكنوقراط المصريين أو المتمصرين, تلك هي الطبقة البرجوازيه المصريه, موظفين, طبقة من الموظفين والمسئولين الحكوميين, طبقة ولدت في حضن سلطة الدوله, بل خلقتها تلك الدولة وأصطنعتها لنفسها, أستكمل خلفاء محمد علي عملية تخليق وصناعة البرجوازية المصرية بتكريسهم لجهاز الدولة المركزي وخلق طبقة من الملاك الزراعيين بأصدار اللائحة السعيدية الأولى والثانية, وهو ما أستمر الإحتلال البريطاني في القيام به, تخليق وتدعيم طبقة برجوازية مكونة من موظفي الدولة وملاك الأراضي الزراعية, تلك البرجوازية المصطنعة حملت منذ البداية الأولى -بالإضافة للأمراض الأعتيادية للبرجوازية- تشوهها الخاص وفائض من الجبن والتردد والخضوع العبودي مغلف بروح رجعية محافظة وميول بيروقراطية غير عاديه, هي طبقة عاجزة عن أي فعل ثوري على الإطلاق,لماذا؟
إن مجرد المقارنة ما بين البرجوازية المصرية وتلك الغربيه لكاف جدا لإيضاح مدى تشوهها, فبينما خاضت البرجوازية الغربيه غمار حروب أهلية وثورات كبرى وأطاحت بأسر مالكة وأعدمت ملوكا وملكات لتتحرر من أسار الحكم الملكي الإقطاعي المطلق, فإن برجوازيتنا المصرية هي نتاج فرمان من ولي النعم, فهي ولدت بأمر السلطه, وهي تستمد وجودها وأمتيازاتها من السلطه, بالتحديد من الدوله الفرديه الغاشمة السيطره, بسبب هذه الطبقة البرجوازية الشوهاء المعلقة دائما ما بين خوفها المرضي من التمرد على (ولي النعم)وما بين رغبتها في زيادة نصيبها من منح السلطان أو مقاومتها لزيادة عسفه عليها عن الحد المقبول أو المحتمل, هذا التشوه البنيوي للبرجوازية المصريه أنتقلت عدواه لمجمل حركة الشعب المصري بداية من تمرد عرابي المبتسر وجبنه عن تنحية (ولي النعم)وإعلان الجمهوريه كما الح عليه عبد الله النديم, وكما وافق أعيان مصر ورؤساء طوائفها الدينيه ,أحمد عرابي (الفلاح الباشا) صنيعة (ولي النعم) لم يتخيل تنحية ولي النعم وقطع رأسه, فقط أراد قطعة إضافية من الكعكه( المزيد من الإمتيازات للظباط المصريين الأصل و بعض الحريه!!!!), وتستمر تشوهات البرجوازية المصرية تدمغ ما أصطلح على تسميته (الحركة الوطنية المصريه), فمصطفى كامل لا يتخيل وسيلة لتحرير مصر من الإحتلال الإنجليزي إلا بإعادتها للإحتلال التركي حيث تستعيد طبقة (الباشوات المصريين) الإمتيازات التي فقدتها نتيجة للأحتلال الأجنبي!!!, وهو المصير الذي أفلت منه الرائع والعظيم المهضوم الحق(محمد فريد), إلا أن محمد فريد وقع هو أيضا ضحية البرجوازية المصرية الشوهاء والخئون, ضحية سعد زغلول مؤسس حزب الوفد, حزب كبار الراسماليين وملاك الاراضي الذي دشن ما يمكن تسميته (سياسة الصالونات), حيث المُحتل يتقدم بكل أدب وكياسة لمن يحتله طالبا من كسيد مهذب أن يكون سيدا مهذبا هو الأخر ويتسم بالقدر الكافي من الكياسة بحيث ينسحب ببساطة وأدب, وإن لم يفعل فإن الواقع عليه الإحتلال سيشكوه بأدب لسادة مهذبين أخرين هم قيادات أوروبا المسعورة إستعماريا, هكذا هي سياسة الباشاوات الذين يحملون توكيلات تحريرية موقعة (لنتعجب من هذا التفكير القانوني البيروقراطي!) من أبناء الطبقة المتوسطة والمتعلمين, سعيا لاستقلال عن طريق التفاوض بين الناس المحترمين أبناء أصول مصر وأبناء أصول بريطانيا العظمى, أنى للزعر والحرافيش ولابسي الخيش أن يفهموا أو يعوا تلك التحركات الدبلوماسية الراقية فقد أنطلق ابناء الشوارع والغيطان هؤلاء كالسيل الهادر ليعلنوها ثورة حقيقية فاضرب العمال وقطعت خطوط المواصلات وتمزق الجهاز البيروقراطي للدولة شر ممزق تحت الضربات العنيفة للعمال والفلاحين وصغار الموظفين والمستخدمين, ثورة كادت تطيح بكل النظام العفن للدولة المصرية بملكها وأعيانها وباشاواتها وكل النسيج المريض المحيط بسرطان الأحتلال البريطاني, هنا ينتبه باشاوات الوفد إلى أن مصالحهم مهددة وأن مفاوضات الرجال المهذبين مهددة بثورة العمال والفلاحين, فيهرع الباشاوات والبهوات لأنقاذ نظام الدولة العفن من الأنهيار وليأدوا الثورة في مهدها وليطالبوا الناس بالتوقف عن ثورتهم العنيفة ليتمكن الباشوات من السعي للاستقلال بالطرق (المشروعه!), لتنتهي تلك الثورة العارمه بأتفاق أعرج مجلل بالعار تعترف فيه الدول الكبرى بالحماية البريطانية على مصر ويتم تقنين الأحتلال البريطاني والأبقاء على هيكلية النظام الإجتماعي, ولتذهب دماء شهداء الشعب قربانا لتولي الباشاوات كرسي الحكومة العرجاء, عذرا ..نسيت, سعد باشا زغلول الوطني الكبير رفض عودة محمد فريد للإشتراك في ثورة 1919 !!!, ولكي لا ننسى أن من أوائل قرارات الحكومة الوفدية الوطنية حل الحزب الشيوعي المصري وأعتباره غير شرعي, وطنيين بقى.....
بعد تلك الطعنة التي وجهتها البرجوازية المصرية أنخرطت جمعيات الباشوات والبهوات المسماة (أحزاب) في رقصتها الشاذة مع الأحتلال والعفن المسمى (ملك مصر والسودان) في الاعيب سياسية لا تنتهي مشدودة ما بين طرفين, البحث عن استقلال لا يمكن تحقيقه تفاوضيا والخوف من أنفجار الطبقات الشعبية التي لم تتوقف عن التضحية بدمائها وخبزها من أجل الأستقلال, لتاتي حركة البرجوازية الأكثر قوة وخبثا ونجاحا.....أنقلاب 1952- وعذرا للعفن الفكري الملكي والليبرالي إن كنت استعمل تعبيركم الأثير (أنقلاب الجيش 1952)-, فالبرجوازية المصرية أو بالتحديد الطبقة السفلى من البرجوازية المصرية وقد ملت أنتظار أن تقتسم معها البرجوازية الكبيرة كعكة (مصر المحروسه) قررت التحرك لتطيح بالمستأثرين بالثورة وتنتزع منهم الأوزة كاملة بدلا من أن ترضى بفتاتها, تلك الحركة التي كشفت عن وجهها مبكرا جدا, فأخرجت العفن المكتنز المسمى (فاروق الأول) من مصر مع 21 طلقة تحية وتشريفة من ظباط الحركة المباركة, وأعدمت العاملين (مصطفى خميس), و(محمد البقري-17 عاما) لإتهامهما بقيادة إضراب في مصنع أحد الراسماليين الكبار (باشا) بمدينة كفر الدوار, أنقلاب البرجوازيه الذي تعلم قواعد اللعبه جيدا فاسرع برشوة الطبقات الكادحة بأكاذيب (تحديد الملكية الزراعية) و(خمس فدادين..فدادين خمسه)، والتأميم ....خديعته العظمى حيث تتحول الدولة إلى أكبر راسمالي في البلد, ليصبح بيدها العصا والجزره ويصبح التمرد عليها خيانه, والإضراب أخلال بالأمن القومي, ولتامم النقابات ولتدخل الطبقة العاملة في سبات طويل لذيذ بتاثير رشاوي تغدقها عليها الدوله, ولتتضخم طبقة الموظفين والبيروقراطيين, ولما لا؟ الم تولد الطبقة البرجوازية على شكل موظفين دولة وبيروقراطيين؟ فالأوجب أن يتم تدعيمها وتغذيتها بجعل أغلب الشعب (موظفين) لدى الدولة لتكون الطبقة البرجوازية البيروقراطية هي الأكثر عددا والأوفر نفيرا, بينما كان يتم تجميع ثروة مصر وتضخيمها لصالح البرجوازية الكبيرة التي كانت تتلمظ خلف ستار الظباط عديمي الخبرة السياسة والذين يعانون من كم هائل من السذاجة الفكرية وأنعدام الرؤية الأيدولوجيه, البرجوازية البيروقراطية الصغيرة التي سيطرت على مصر في عهد عبد الناصر تحولت لبرجوازية راسمالية عميلة في عهد السادات, لتتحول لأحتكارية فاسدة ووحشية في عهد مبارك حيث تباع مصر بالجملة والقطاعي لرجال أعمال مجهولي الاصول ومطعون في نزاهتهم وشرعية ثرواتهم, يعملون في الأغلب واجهات لراسمالية أجنبية متحالفة ومشاركة لطبقة حاكمه أوصلت الفساد لافاق جديدة.

تلك عجالة لتاريخ البرجوازية المصرية الشوهاء العاجزه والتي لم تتوقف ابدا عن تشويه نضال الشعب المصري واصابته بالعرج والكساح السياسي والفكري والتي مازالت تصر على طرح نفسها كقاطرة لنضال المصريين رغم كل فشلها عبر قرن ونصف من الزمن وصولا غلى المسخره والعبث الفكري والسياسي الذي تقدمه الأن, وهو ما سنتوسع في إلقاء الضوء عليه بالجمعه القادمه.


ياسر






















Thursday, January 15, 2009

مصر..هي أمي....الساذجه - 2 من2


الأسطى إبراهيم عيسى هو أشجعن صحفي في المنطئه- برخصه رسميه-, وهو حامل لشهادة الأيزو في المعارضه, كما أنه ثورجي جامد قوي وصاحب مقالات نارية, ومحكوم عليه بشهرين حبس(والحبس للجدعان) وحاصل على عفو رئاسي( ولا اعرف العفو الرئاسي لمين)هذه الشخصيه ونحن نعرضه هنا كمثال فقط يحترف الردح والشردحه وفرش الملايه للحكومه والنظام, لكن الثورجي الكبير والوطني العظيم الأسطى إبراهيم يركبه أحيانا شيطان غريب لعله من اصول هكسوسيه فيدير مدافع مقالاته ضد الشعب المصري موجها له الإهانه تلو الأخرى, وأذكر أنه قد أتهم الشعب المصري بكونه (قرني) ولا مؤاخذه, عجيبه...مش كده؟ أن تكون ثوريا وطنيا فخيما بشهادة ايزو ثم تسب أبناء وطنك وتهاجمهم وتتهمهم بأنهم - تقريبا- ماعندهمش دم, وتفعل ذلك على صفحات الجريده التي يكع هؤلاء المشتومون ثمنها مما يمكن ناشرها من منح الأسطى إبراهيم مرتب يقال أنه يفوق 20 الف جنيه شهريا, الحقيقه أن إبراهيم عيسى وسبوبته ليست موضوعنا, وهو ليس الوحيد الذي يفعل ذلك, فالعديد من المثقفين (المتعاصين ثوريه ووطنيه) يتهمون الشعب المصري بأنه بارد وماعندهوش دم, وأنه ربما فاسد وعبودي وخاضع ويعشق الكرباج, ليه بس يا بهوات؟ ليه يا ثورجيه ووطنجيه وكلمنجيه وكتيبه وجامدين قوي وميتين في عشق تراب كعب زنوبة مصر هي مامتهم؟

الحق اقول...يبدو الشارع صامتا في أعينهم, يبدو الناس صامتون, صابرون, بل وحتى مستسلمون, لا صوت يعلو فوق صوت ..الصمت
يخرج المناضلون, السياسيون, المحامون الحليقون منهم والملتحون, يخرج القضاه بجلالة قدرهم ورفعة شأنهم وشموخ مناصبهم ونقاء ضمائرهم ليقف الجميع في الشوارع والميادين وعلى السلالم والنواصي والمداخل والمخارج, يهتفون من أجل مصر , من أجل الحريه, من أجل غد افضل, يحاصرهم الأمن جحافل جحافل, صفوف وصفوف, يخنقون الكلمات المضيئة المجنحه, المرفرفه كاليمامات, الكف الميري الثقيله لا تفرق ما بين قفا ونهد, ولا بين راية ووشاح, ولا بين وجه ومؤخره, الكل سواسيه, الكل أعداء النظام, الكل أعداء الرجل الكبير وحواشيه وحوارييه وصبيانه, الجميع يخرجون لمصر, لحب مصر, للحريه, لغد أفضل...لكن..الناس كأنها صماء, كأنها عمياء, كأنها خشب مسنده, لا تحتذي بهم, لا تسير خلفهم, المناضل الكبير أيمن نور( مانديلا مصر المحروسه) يتعفن في زنزانته ويتعرض مكتبه للحرق والتخريب, يدبج المقاله تلو الأخرى, يمطر الصحف بمقالاته اليوميه, يستنجد, يتحدى, يفضح, يستعطف, والجماهير صماء, لا مباليه, لا تتحرك جحافلها لتكتسح سجنه وتخرج زعيمها وبطلها الليبرالي من حبسه هاتفة (بالروح والدم نفديك يا أيمن)، ما الذي حدث للناس؟ ماذا أصابهم؟لماذا أصبحوا لامبالين, كسالى, قانعون بمثل هذه حكومه وهذا نظام؟
شعب فعلا يقرف
يغص
يكسف
يخجل المرء الذي جبل على الحرية, وتعلقت روحه بالتغيير من اجل غد افضل من أنه ينتمي لمثل هذا الشعب
كم مرة خيب هذا الشعب العجيب الخمول أمال وطنييه وثواره ورواده للتغيير؟

هاهم رجالات المعارضة الذين ملوا الوجه الواحد والنظام الواحد للرجل الكبير الجالس على قلوبنا طلبا لرقم قياسي جديد في طول الحكم, هؤلاء من ملوا ذلك العفن تنادوا من كل حدب وصوب لينتظموا معا في حركة واحدة على أختلاف مشاربهم وأنتمائاتهم لا يجمعهم سوى حبهم لمصر, تجمع صفوة من صف ثالث ورابع من قيادات شيوعية عتيقة ومنسيه نافست باعمارها أعمار اثار مصر التليدة تزينهم كوكبة من شباب مصر الذين هجروا كمبيوتراتهم ومقاهيهم وقعداتهم الرايقه من أجل غد افضل, وللتأكيد على تنوع الحركة وتسامحها أنضم إليها عدد من الأخونجية التائهين , مع إضافة القليل من بقايا تنظيمات يسارية متأكلة ونصها مسلم النص التاني للمباحث فاصبحت نموذجا للتنوع والتعددية التي أكتملت باصرار الحركةعلى الاصالة والأعتراف بفضل كبار السن فحرصت على ان يكون قادتها دائما ممن طعنوا في السن وأقتربوا من حافة القبر, من ذلك المزيج الوطني التعددي العظيم ولدت حركة كفايه..تلك الحركة الوطنيه الثوريه المباركه التي أنطلقت في حرية وتحرر من كل أيدولوجية أو إسار فكري طارحة شعارها الرهيب (كفايه) لا تطالب سوى بأن يرحل حسني مبارك فقط عن كرسي الحكم, ليرحل فقط ومش مهم أي حاجه بعد كده, ليرحل وسينصلح حال البلاد والعباد لحظة رحيله, ليرحل ولا يهم أي شىء أخر, لن نشغل أنفسنا بتخيل برنامج لما بعد رحيله, ولن نجهد عقولنا ونحد حركتنا بوضع تصور لكيفية تفكيك نظام عملاق متكلس من الفساد وتشابك المصالح, فقط ليرحل..هكذا كان نضال حركة كفايه المباركه وهكذا ظل, تلك الحركة التي نمت في جبروت كشجيرة لبلاب باسقة تلتف حول عامود من الأخوانجيه, ما أن تخلوا عنها حتى سقطت متمددة بدلال أخاذ نتج عنه أن أنتثرت منها وبسببها حركات لا تعد ولا تحصى حصلت كلها على توكيل (من أجل التغيير) فاصبح اي مجموعة ناس بتعمل اي حاجه تضع اسمها تتلوه العبارة السحريه...من أجل التغيير, تغيير ايه؟ وتغييره لأيه؟ وتغييره أزاي؟ مش مهم , المهم تغيير والسلام, كل هذا والجماهير وكأن على رءوسها الطير, باردة, صامتة, لا مباليه في برود وأنعدام للحميه, فلم تخرج جماهير هذا الشعب الخنوع لتهز الميادين بهتافاتها الجباره خلف كوكبة رجالات كفايه, صحيح أن الحركه مازالت غير قادرة على بث الحرارة في الجسد البارد المتجمد للجماهير المصريه التي لابد أنها قد ماتت فعلا لكن الحركة قد أستطاعت تقديم غد أفضل فعلا لعدد من أعضائها الذين تطوروا من سياسيين هواة منسيين إلى وجوه إعلاميه, كما صعد عدد من أعضائها الشباب سلم المجد متحولين من عواطليه وأرباب مقاهي إلى كتاب وأدباء وأرباب أقلام....وسبحان الحي من له الدوام

ومن كفايه أنتشرت العدوى الوطنية الثورية لتصيب اركان المجتمع , فاصابت محراب العلم وموطن سدنته, بوابة الحكمة والأخلاق ...الجامعه المصريه فتكونت حركة تحمل أسما فيه رقم وتاريخ على ما أذكر لتناضل من أجل أستقلال الجامعه, وما هي الجامعه المصريه؟ إنها محراب القيم العائليه حيث يتبع الأب خطوات أبيه, والحفيد يسير على درب جده والشاب يحرص على الأقتران بمن تسير في نفس طريقه, فنرى هيئات التدريس بالكليات المختلفة وقد أزدانت بعائلات كاملة أوقفت حياتها على التدريس بالجامعه, فالجد رئيس قسم والأب أستاذ, والأم أستاذ مساعد والأبن مدرس وزوجة الأبن معيده، والخالة في شئون الطلاب , والعمة من أمناء المكتبه, والأحفاد ينتزعون الدرجات النهائية تأهبا لأعتلاء مناصب المعيدين في تناغم عائلي علمي يندر أن يوجد في أي مكان أخر, ودعنا من القيم الغربية البائسة ولنتمسك بقيم مجتمعاتنا الأصيلة العائلية, الجامعة المصرية هي كذلك أبعد ما تكون عن ما تنشرةه الحضارة الغربية الساقطه من جمود الأرواح وتحجر المشاعروحيادتها, بل هي معبد من معابد العواطف الشفيفة الساميه، فقد يهتز القلب العجوز لأستاذ فاضل أفنى عمره علما وكتبا ومذكرات وسكشنات لبضاضة عقل أحد طالباته, ونعومة رغبتها في المعرفه, ودلال طلبها للعلم, فيحنو عليها ويختصها بالأهتمام والرعاية إيصالا لها لمراتب الترقي العلمي حتى يضمها لصفوف أعضاء وعضوات هيئة الت..ريس, كأنما هو البستاني الحاذق ينتقي لباقته نوادر الورود والرياحين, أو قد يستشعر الطالب الوطني المستقيم توجسا من بعض زملائه الخارجين على الدولة والقانون فيضع نصب عينيه مسئوليته الوطنية أولا ويهرع ليحذر رجال الضبط والربط من تلك القلة المارقة, والأمن وقد استشعر منه الوطنية الجارفة لهو مكافئه بدفعه للإنضمام لهيئة الت..ريس , فحقا الأدب فضلوه على العلم, تلك هي الجامعه التي تنتفض أنتفاضتها الوقور بحثا عن التغيير وعن الأستقلال لتؤكد على مزيد من القيم والتقاليد الجانعية العريقه التي تميزها عن بقية جامعات العالم.

ورغم ذلك تبقى تلك الجماهير العاقة مستدبرة, صامتة, تأبى أن تسير في ركاب سدنة العلم والأخلاق الحميدة, تأبى الأنتفاض من أجل أستقلال الجامعة ومن أجل التغيير
أف له من وطن وأف لها من جماهير

على ان مسيرة التغيير الوطني الثوري لا تنتهي هاهنا بل تنتشر وتتوغل وتنتشر وتتوغل لتصل لأسمى القمم

لكن ذلك أمر شرحه يطول وأنا الليلة مشغول
فإلى لقاء قريب نتنقل فيه سويا في حديقة القوى الوطنية المصرية ونتعجب فيه معا من بؤس هذا الشعب وحخنوعه وأستسلامه...فإلى موعد قريب

ياسر

Friday, January 02, 2009

مصر..هي أمي....الساذجه - 1 من2


حقيقة لا أذكر عدد المرات التي قرأت فيها رواية (الدون الهادىء) للكاتب السوفيتي ميخائيل شولوخوف (1905-1984) ولا أذكر أنني قرأت كتابا هذا العدد من المرات، أحيانا أعتقد أنني ما أن أنتهي من أخر صفحة في المجلد الرابع والأخير حتى أعود لأول صفحة من المجلد الأول من هذا العمل الرائع والمبهر، الكتاب ضخم الحجم حقيقة، أربع مجلدات وما يزيد عن 500 صفحة بكل مجلد، وحوالي 600 شخصية مختلفة بالرواية (الطبعة المترجمة لدار رادوغا- 1990)، قطعة مبهرة من الأبداع الإنساني، وكل مرة أقرائها كنت أتسأل كيف أستطاع شولوخوف أن يبني هذا الصرح الإبداعي المنيف، ويحشده بكل ذلك القدر من الحياة والمشاعر والقدرة على الإضحاك والإبكاء، كيف أستطاع أن يشيد عالما كاملا؟خاصة وأن مجلد الرواية الأول قد صدر وشولوخوف في الثالثة والعشرين من العمر، إنه كم الخبرات الهائلة التي عاشها حتى هذا السن المبكرة، خبرات أنخراطه كمراهق في الحرب الأهلية السوفيتية وأرتحاله عبر مناطق القفقاس وأوكرانيا، الخبرة الحياتية هي المادة الخام الذي منحته كل تلك العبقرية الإبداعية، نفس الخبرات الحياتية المتنوعة التي منحت العظيم (ماركيز) القدرة على منحنا صروحه الروائية الملحمية الطابع, على الناحية الأخرى نجد مبدعا رائعا كنجيب محفوظ لم يكد يخرج من مدينته القاهرة- أسما وفعلا- لكنه مازال قادرا على أنجاز صروحه الإبداعية هو الأخر, محفوظ أمتلك نوعا أخر من الخبرات، خبرة رأسية إن كان لي أن أسميها كذلك, خبرة عميقة بالناس، بأرواحهم, بأحلامهم, بوجودهم كقوى تتصارع فيما بينها ومع الوجود المحيط بها, حياة ثرية بالتفاعل مع الناس والسوح في القارات الشاسعة للوجود الإنساني إن كان قد فاتته السياحة في قارات العالم, وإبحار في المحيطات المجهولة الخرائط للروح البشرية, حياة ثرية وخبرات عميقة هي ما يحتاج المبدع الحقيقي, لكن حتى مثل هذه الخبرة (الرأسيه) لم تحمي محفوظ من أن تسقط أعماله الأولى (عبث الأقدار, رادوبيس, كفاح طيبة) في فخ التسطح وقلة الخبرة، مرة أخرى نقول أن خبرات (شولوخوف) الحياتية منحته كل هذا العمق الرائع ومنذ عمله الأول والذي أنهاه في بدايات العشرينات من عمره، ولنتتبع المزيد من أثار قلة الخبرة في التسعينيات حين أفرخت جثة الجيل السبعيني الهباء الذي أصطلح على تسميته جيل التسعينيات, جيل يستحق الدراسة فعلا, ذلك الخواء الروحي المخيف, وتلك الحيوات المسطحة التافهة عديمة القيمة, ذلك الوعي المنعدم بالعالم الخارجي, الإغراق في الذوات المسطحة أحادية الأبعاد, مرعب, كان أنتحالهم العظيم والدائم هو المقولة التافهة الجوفاء (الأحتفاء بأشياء الحياة الصغيرة) فجاءت الكتابة أحتفاليات بكل توافه الفعل الإنساني التي لا معنى لها ولا قيمة حقيقه, أبداع يحتفي كل الأحتفاء بكل ما هو تافه في هذا العالم ويتجنب كل ما له قيمة فيه, الأمر في رأيي لم يكن سوى عرض واضح وحاد للحياه المسطحة عديمة الخبرات التي عاشها هؤلاء (الأدباء),وتستمر ملحمة قلة الخبرة وسطحية الحياة فطبقا لمدونة عزه مغازي (نثار) فإن مؤتمر أدباء مصر هذا العام ناقش إذا ما كان أحمد العايدي يعد رائدا للرواية الجديدة, وقراءة واحدة لرواية (أهمية أن تكون عباس العبد) التي أرتكبها المذكور تشير إلى أن مرتكبها تقريبا (ميت) فلا يمكن أن تكون حياة (أنسان) بكل هذا القدر من السطحية واللامعنى, لكن هل القضية أساس قضية أدبيه؟ أعنى هل قلة الخبرة وسطحية الحياة والتي تساوي قلة وندرة المادة الأولية للإبداع هي مرض يعاني منه المبدعون فقط؟

يقال أن المبدعين هم ضمير الأمه والمعبر عنها,فهل نحن شعب قليل الخبره؟
ساذج بمعنى أخر
ربما يبدو السؤال عاديا حين أتحدث عن شعوب حديثة التكوين - بنت أمبارح- زي ما بيقولوا، لكننا نحن شعب مصر, المصريون, أعرق شعوب العالم وأقدم البشر الذين خطوا على سطح هذا الكوكب, نحن أبناء النيل الذي تلقى بين ذراعيه التاريخ نفسه وهو لحمه حمرا, وليد لم يزل وعلمه القراءة والكتابة والتأريخ, صحيح فعلا, ممكن والله, لكن.....تلك ليست الحقيقة, أو على الأقل ليست الحقيقة الكامله

نحن لا نعترف أبدا أننا شعب أميل للأنطوائية والأنكفاء على الذات, الفراعنة القدامى أغلقوا عليهم باب الوادي لقرون طويلة متمترسين خلف الصحراوات العازلة عن يمين وعن يسار, لم يفتحوا أعينهم ويتذكروا أن عالما يموج بالحياة والصراعات والمخاطر يقع خلف حدود صحراواتهم حتى داهمهم الخطر في بيوتهم وأكتسحهم عن رءوس غيطانهم, وحتى الأن مازلنا شديدي النطوائية مغلقين على الذات مكتفين بأنفسنا لا نكاد نعرف شيئا عن الشعوب المتاخمة لنا متسربلين في شوفينيتنا التي تندمج في تكويننا الوطني كما تندمج اللحمة مع السداه في الثوب المنسوج, بصراحه نحن شعب ساذج قليل الخبرة, نحن نشبه الست أمينه في ثلاثية نجيب محفوظ, أو بالحقيقه فإن مصر عاشت أغلب حياتها المديدة مثل الزوجة المصون المخبأة في الحريم, فهي دائما على ذمة (زوج) قد يسىء إليها أو يعذبها او يقسو عليها لكنها يبقيها دائما (متستته) ومخفية في الحريم , محمية من العالم الخارجي ومحرومة من رؤية ما يحدث خلف مشربيتها المتربة الصدئة من قلة فتحها, وحتى لا فرق إن كان الزوج يسمى (البطالسه) أو (الإمبراطوريه الرومانيه) أو (الخلافة الإسلاميه), أو الأيوبيين أو المماليك أو الباب العالي, تطول القائمة, قائمة أزواج أمنا (مصر) الذين نادينا كل منهم (عمنا) تطبيقا للقاعدة المصرية الصميمه.

الحقيقة اننا لو لم نكن شعبا ساذجا قليل الخبرة فلماذا كل هذا الإرتباك والحيرة التي نغرق فيها في هذه اللحظة المفصلية من تاريخنا؟
لماذا حين أنتبهنا أخيرا إلى وجوبية التخلص من هذا النظام الإجرامي المدمر وقفنا كامة كاملة نتململ متحيرين فيمن نضعه على رأس صفوفناليقودنا نحو الحريه، لماذا نقف كشعب كامل في تلك الحيرة العجيبة ننتقل من فئة لاخرى باحثين عن من يقودنا ويعبر عن أحلامنا في وطن حقيقي, لماذا أصبح المصريون كالحمل اليتيم يثغو خلف كل نعجة مارة وينثني بالخيبة وكسر النفس؟

-يتبــع-

ياسر