Monday, April 30, 2012

للحقيقه..لا لأبو الفتوح


مدخل:
دائما ما تعجبت لماذا يربي الفلاح المصري البقرة البلدي، مع توفر البدائل طبعا، فهي بقره أشبه بالغزال، جميله ورقيقة الأطراف، وسيمة الوجه، قليلة اللحم، ضعيفة أنتاج الحليب، تلد عجلا بحجم كلب متوسط- بتعبير الفلاحين أنفسهم-فلماذا يربونها، ويحرصون على تربيتها؟ 
الإجابة جاءت من صديق يعمل بالزراع، قال لي : أنت شايف البقرة قدامها أيه؟ كان ما تأكله البقرة بشهية شيء يشبه عريش الثوم الجاف لولا أن لونه أقرب للرمادي، سألته متعجبا: أيه ده؟ فأجاب : ده الدريس، وهو البرسيم المجفف، وبتعبيره :" عارف لو ده أتقدم لبقره فريزيان ولا شورت هورن والله تتفه في وشه، لكن البقر البلدي بيرضى بقليله، والفلاح بيضحك عليها بشوية الدريس دول".

متن:
طبعا هذه التدوينه ليست في الزراعة ولا تربية المواشي، إنها عن شيء مختلف نوعا ما، إنها عن المثقفين الليبراليين والتقدميين التنويريين الذين يعلنون بكل شجاعة وفخر دعمهم للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيسا لمصر الثورة، إنها محاولة لفهم لماذا تدعم الكتلة المثقفة الليبرالية التقدمية شخصا أتى من الجماعة الإسلامية لينضم للإخوان المسلمين قياديا بارزا لثلاثة عقود، وهو انتماء فكري لا ينكره الرجل ولا يتنصل منه، بل نزيد على ذلك أنه مؤخرا حصل على دعم دهاقنة وكهنة التيار السلفي المغرق في يمينيته ورجعيته، ورغم ذلك ما زالت الكتلة الثقافية ال...إلخ راسخة في دعمها له،
لماذا؟
بعض الشخصيات سيئة الطوية، خبيثة الروح قد تسارع للإجابة: أنهم مرتشون تم شرائهم بالمال – وهو وفير- أو بوعود بمناصب – وهي مربحه- إلا أنني في الحقيقة شخص جبل على حسن الظن بالناس والبعد عن اتهامهم بالباطل، وطعنهم بالظن، وعليه فإنني أدعوكم لمسايرتي في هذه الرحلة الذهنية للبحث عن إجابة حقيقيه لهذا السؤال:
لماذا يدعم المثقفون ال...إلخ عبد المنعم أبو الفتوح رئيسا للجمهورية؟

في البدء أحب أن نتعرف على هذه السلالة البشرية المميزة (المثقف المصري التقدمي ال..إلخ)، إنهم بشر مثلنا، يأكلون الخبز ويشربون الشاي والقهوة ويمشون في الأسواق، وعلى عكس الفكرة الشائعة أن المثقفين هم جماعة من الصيع والمتسكعين الذين بلا شغله ولا مشغله، فأغلبهم لهم وظائف ومناصب وأعمال مشروعه يتقاضون عنها رواتب غالبا مجزيه، نعم عزيزي القارىء، هم ليسوا أهل صياعة وصعلكة ، بل أهل وظائف ومناصب، فوزارة الثقافة تكتظ بهم كما يكتظ الميكروباص بركابه ساعة الظهيرة، وهم ينتشرون فيها بأعداد وفيرة بدئا من الثقافة الجماهيرية وصولا للمجالس العليا والقومية لأي حاجه على ورق، كما أنهم يتكدسون تكدسا ملحوظا في دور النشر القومية وبالتحديد في مطبوعاتها الصغرى ومنشوراتها الفرعية، كما أنهم يحتلون بشكل كامل ومطلق ذلك المجال البيئي المسمى (منظمات المجتمع المدني ) حيث يظهر بعضهم طفرة تطورية متحولا من (مثقف) إلى (ناشط).
إذا ما الذي يدفعهم لدعم أبو الفتوح؟
الحقيقة أرى أن الأمر يبدأ مع البرادعي – من الصعب التخلص من هذا الشخص-  فقد كان البرادعي أبا روحيا لهم جميعا، فهو الزعيم المعارض النموذجي الذي يحمل كل الصفات المناسبة ليكون (مسيح) التغيير في مصر، فهو أرستقراطي الانتماء، يزين ما قبل اسمه بدال الدكتره – وهي رمز سحري يمنح الحماية لصاحبه من النقد ويضفي القداسة على أي كلام بيقوله- فهو إذا من النخبة والصفوة، ابن ناس يعني، وهو يتحدث عن التغيير لا الثورة، إصلاح الوضع القائم لا قلبه وتغييره جذريا وهو الأمر الذي لا تحمد عواقبه، فربما تؤدي الثورة لظهور نظام جديد تماما يغير قواعد اللعبة فيجد هؤلاء المثقفون أنفسهم في الشارع وقد خسروا مناصبهم ورواتبهم، وهو يطرح وسائل نضاليه (شيك) وقوره، بنت ناس برضه، كالدوران على البيوت بعريضة لطلب التوقيع عليها، حاجه كده خفيفة ظريفه بنت ناس، الجمعية المصرية للتغيير، كلهم ولاد ناس وبني أدمين شيك، ودكاتره ومستشارين وسفراء سابقين، نخبه، نخبه يعني، شىء يفرح والله
لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، ومسيح التغيير يقرر التنحي عن السباق، أتخيل هنا المشهد الكلاسيكي الشهير من فيلم (الخطايا) حين يقف عبد الحليم بعينين بليلتين ونفس مقطوع أمام عماد حمدي هامسا : يعني أنت مش أبويا؟ ثم يركض ليقف أمام مديحه يسري متسائلا: يعني أنتي مش أمي؟ يعني أنت يا عمو الدكتور البرادعي مش حتبقى مرشحنا للرئاسه بتاع التغيير؟
أنزل لي هنا بمزيكه حزايني ومشهد ليلي وضي القناديل...إلخ
طيب فين البديل؟
ايه الحل؟
عمرو موسى؟ حيديها استقرار برضه والمراكب السايره حتفضل سايره، ومناصبنا ومرتباتنا ماشيه، وأنجر الفته حيفضل مليان، لكن ده فلول وأحنا مثقفين تقدميين وثوريين قوي...أوعى وشك، ما ينفعش، لو دعمناه حنتفضح، وشوية العيال أللي بيشتروا كتبنا التافهه وبيعملوا لنا لايك ع الفايس وفولوينج ع التويتر حيقطعونا بلسانتهم الفالته، وتبوظ السبوبه
طيب مين؟
خالد علي؟
بلاش هزار والنبي
حمدين؟
رهان خسران وحنلبس في الحيط
أبو الفتوح، أيوه أبو الفتوح، مدني، ليبرالي، ديموقراطي، ميول يساريه، عبي عبي ، شيل شيل ، أحمدك يارب
لكن ابو الفتوح ليس مدنيا ولا ليبراليا ولا يساريا، ابو الفتوح يمين ديني رأسمالي الهوى سلفي الجذور، طيب كيف يقبلونه؟
نعود هنا لبقرتنا البلدي التي تركناها تنعم بدريسها، فاكرينها؟
مثقفنا المصري، هو مثقف بلدي، نبت هذه الأرض الطيبه مثله كمثل البقرة البلدي، يرضى بقليله ، بينضحك عليه وبيتراضى بكوم دريس جاف مافيهوش طعم ولا قيمه غذائية ومترب وكله شوائب، أبو الفتوح يرمي هنا وهناك إشارات ضعيفة تكاد لا تلحظها العين المجردة عن أنه ليبرالي محافظ، مدني بمرجعيه دينيه، رأسمالي بهوى يساري، شغال أهوه، سيب أللي ما تنفعكش وخد اللي تنفعك، وكله ماشي، شغال يا عم، وحنأكلها للناس، أقلش والعب الكلام وحنبرر موقفنا وندافع عنه، أمال حنخربها بثوره وزفت، الواحد طلع روايتين واقعين مشوا في السوق وبيزنجف التالته، وبينخع له مقاله جوفاء الروح من حين لأخر والحياه صعبه يا صاحبي والجنيه بقى عزيز، خلينا نرزق ونستقر
بالهنا والشفا عليكوا ابو الفتوح، صحيح كل روح ربنا محلي لها لقمتها.

5 comments:

Mohamed Atef said...

رغم اختلافي الأثير مع ياسر عبد القوي لا ينفت أن يبهرني برشاقته في الكتابة وظرف النقد أوي
ز
انا مش من مؤيدي أبو الفتوح وعندي مشكلة كبيرة مع طرح مؤيديه من تيار اليسار الثوري الذي انتمي له. لكن أحيانًا لا يساعدني حق العيش والملح على توجيه النقد بتلك الصورة. أنا مضحي بياسر ف المهمات دي والله :))

Ahmedbright said...

Not surprising,this intellectual exceeds the expertise of Egyptian psychologists and psychiatrists who are trading their skills for hypocrisy of masses,remarkable work

piiiza said...

انا سعيد انك رجعت تكتب انا من اشد المعجبين بمدونتك ومن فعلا بيبهرنى اسلوبك وثقافتك وحسن اطلاعك واتمنى انك متنقطعش عن التدوين ابدا علشان حق قرائك اللى بعتبر نفسى منهم

piiiza said...

مش هقدر اقولك فرحت اد ايه اما فتحت المدونه ولقيت تدوينه جديده كنت دايما بفتح وكلى امل الاقى حاجه جديد لحد اما وصلت لمرحله اليأس من حقى عليك كقارئ متابع انك متتوقفش تانى عن الكتابه الا بأذن منى او حتى اشعار مسبق

piiiza said...

مش هقدر اقولك فرحت اد ايه اما فتحت المدونه ولقيت تدوينه جديده كنت دايما بفتح وكلى امل الاقى حاجه جديد لحد اما وصلت لمرحله اليأس من حقى عليك كقارئ متابع انك متتوقفش تانى عن الكتابه الا بأذن منى او حتى اشعار مسبق