Sunday, January 21, 2007

لمصر لا لحبيب العادلى-الحلقة الثانية- التحول لبطة ميرى مفترسة

بالحلقة السابقة تركنا خريج أكاديمية الشرطة وقد تحول من نسناس يرتدى ملابس بوابين الفنادق إلى بطة ميرى تحمل نجمة لامعة على كل كتف وهو يستعد للدخول إلى حياته العملية كباشا ظابط شرط أسم الله ، لكن أولا أظن أن علينا أن نرى كيف تبدو مصر المحروسة التى سينضم ذلك الأشوس إلى رجالاتها الساهرين على الأمن والأمان فيها

إعلم حفظك الله ورعاك وخرب بيت من عاداك أن والي مصر المحروسة ولى النعم حسني باشا مبارك قد أستتب له الأمر فى أرض الكنانة برضاء سيده خاقان البر والبحر وسلطان الأرضين ومالك رقاب البلاد والعباد الأمبراطور جورج الصغير ابن جورج بوش الكبير حفظه الله ورعاه وسدد قذائفه وخطاه ، وما كان ذلك الرضا السامى إلا وليد أبداء مولانا الوالى عظيم الخضوع والولاء والطاعة العمياء والأستجابة التامة للأوامر السلطانية والتوجيهات الشاهانيه البوشية ، ثم أن مولانا الوالى بعظيم حكمته ومرهف فطنته راى أن الزعر والحرافيش من عديمى الالبسة والسراويل قد علا صوت زعمائهم وزاد أنفلات سفائهم طمعا فيما أبداه ولى النعم من جزيل العطف وواسع اللطف ، فمحص رعاه الله رجاله تمحيصا ونخلهم نخلا عويصا حتى أنتقى منهم مملوكه ( حبيب بيك العادلى ) كبير بصاصين بر المحروسة ، فأنعم عليه بخلعة سنية وأقطعه أقطاعية وزارة الداخلية ليكون كبير عسس المحروسة وقبضة مولانا الباطشة بكل سفيه وخارج عن السمع والطاعة فكان ما كان من أحداث معروفة وتواريخ مشهورة ، ثم أن كبير المماليك العسس العادلى بيك لما تربع على كرسى إقطاعيته كان له ببركة مولاه الوالى الحرافيش حلالا بلالا ينتهك أعراضهم ويستصفى أموالهم ويضرب بالمركوب وجوههم ورءوسهم، فالمال مال ولى النعم وناس المحروسة عبيده ومحاسيبه فسبحان من له الدوام.

يأتى ظابط الشرطة الجديد بقلب من حديد إلى مقر عمله وقد قر بقلبه ووعيه أنه من طينة غير طينة الخلق ، وأنه والعياذ بالله الواحد القهار تنحنى له الجباه ويذل الجبابرة لمرأه، أما قسم الشرطة فأعلم حفظك الله أن الحل والربط فيه لا لظابط ولا للمأمور ، بل لصنف من الكائنات مسعور يسمى ( المساعدون والصولات) وهم خلق خصه الله ببسطة فى أجسامهم وسعة فى أكفهم وعملقة بكروشهم وشوارب مهيبة بوجههم وعقول عصافير برءوسهم، فهم جبارون جشعون ، طماعون محتالون كأنهم والعياذ بالله من نسل يأجوج ومأجوج وقد نقروا سد ذو القرنين وأنفلتوا يعيثون فسادا بالبلاد والعباد، وهم مستحلون للرشوه لا يدفعون ابدا ثمن عشوه ، طالبون للبراطيل مفتشون للبناطيل، فإن جاء الظابط الجديد وقد اصبح بعطف مولاه مملوكا ذو بطش وهيبة أكثروا من تعظيمه وبالغوا فى تدليعه حتى يستقر على كرسيه لا يهش ولا ينش ، فينمو كرشه وتمتلىء عجيزته وتصغر راسه فيكون كشبيه البطة المستوية فى العشة والله على كل شىء قدير وهو إن كان يشبه فى خلقته البطه فصوته كنهيق البغل أو كزعيق الثور ومشيته كما ديك حبشى أو طاووس هندى، يختال بما أتاه الله من سلطة وبدلة ميرى وهو مع ما تقدم يفتقر لعلم نافع أو دين رادع أو ضمير وازع، فهو على الفطرة التى خلق الله عليها كل ما يدب على الأرض او يطير فى الجو أو يسبح فى البحر ، عظيم الشهوة صادق على المستضعفين الهجمة فلا رادع ولا شافع يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف، وأعلم نفعك الله بعلمك ودينك ورقق قلب منكرك ونكيرك أن أقسام الشرطة تزدحم بالكبير من الدفاتر و العظيم من القراطيس يخط فيها أشـباه يأجوج ومأجوج كتابات كأنما هى الطلسم السحرى أو الخط الشيطانى لا يكاد يفك أسرارها سوى الراسخون فى العلم اللدنى والعارفون بالعمل السفلى، فإن رأها الغر الحديث التعيين فت فى عضده وأنحل ظهره وبصم بعشرته العلوية وأحيانا عشرته السفلية أن حضرة الصول هو وحده المتصرف لا يراجعه فى قرار ولا يساله فى وقوع أضرار ، ثم أن المملوك الظابط الجديد يعلم علم اليقين أن مصر محروسة برعاية الله ورضا نبيه وآل بيته ومن والاه وأن الأمن من المولى سبحانه فعال لما يريد ولا دخل لفعل البشر فى حوادث الدهر إنما كل حادث هو مكتوب وواقع بارادة الجبار القهار، فإن أستراح لذلك قلبه نفض من عمل العسس يده وتفرغ لتعويض ما دفعه لكبار المماليك من رشاوى وبراطيل أهلته لدخول الأكاديمة -رغم ما ببعضهم من عشى واضح أو عرج فاضح أو أهتزاز عصبى أو تخلف عقلى- ولتأسيس سكن وشراء ركوبة وما يلزم من شرب البنج والحشيش ثم هو كريم كثير الإنفاق على من صاحبه ووالاه من أسافل الناس والخاطئات من النسوان ،وكثير منهم يتجاوز ذلك للحرائر وربات الخدور فيغير عليهن مفلوت الزمام غير مأسور ، كما أبتلى بعضهم باشد البلاء وفضل الذكور على النساء فهو يبذل فى سبيل ذلك الغال والنفيس ولا يخشى من غائلة التفليس فأموال الخلق نبع لا ينضب وبئر لا يغيض ، أما إن ساق الله ليديه قضية ما ولم يمكنه دفعها لمساعد أو صول أو تجاهلها حتى تزول فإنه ينفض عنه علم الفرنجة الكفرة من بحث جنائى وجمع أدلة وما أشبه من علوم الروم وأهل الكفر وهو من بعد ومن قبل عقله من تلك العلوم خاو وعلمه بها معدوم وذاو ، وماعنده إلا العصا والفلقةوثقل القبضة وصدق الضربه فإن وقع بيده المتهم فقد فقده أهله وثكلته أمه وأحتسبه أصحابه عند ربه، فما له إلا صفعات كالمقارع ولكمات كالمطارق وسب لنسائه ولعن لأبنائه وتمسح بكرامته الأرض وقد يزيد عليه الوقير بهتك للعرض ليكون عبرة لمن يعتبر

وأعلم حفظك الله إن كان فى العمر بقية فللحديث تتمة وللحكاية عبرة لو كتبت بالأبر على أماق البصر لكانت عبرة لمن يعتبر

No comments: