Saturday, June 10, 2006

كــــــــــــــيش : رقصــــة النائحــات المنتظــرات
كــيش يا جــزيرة مــن القفـر ســابحــة وســط مــياه الخــليج الحــائر بـين العــروبـة و الفارســيه, يا أرض أله الأنتظــار العــنكبوتى , تلقــينا الطــائرات الخــربة إلى شـواطـئك كمــا تلقى الأمــواج اللاجــئون عـلى شـواطىء غــريبــة , قــاســية القلـب أنت كمــا قفــار شــاطـئك الجــنوبى المواجه لأرض العــرب , كــل عمــران سـواحـلك الشمالية و الشــرقية المواجهـة لفارس و كــل أبتســامات نســائك الحســان و أنتظــام عمــارتك لا تـزيــل رائحــة القفــار المــيتة عــن أرضــك , لا و لا حــتى أثار مجــدك التلــيد, يـزيدك أقفارا تجهــم صــور الأمــأم الخمــينى - ســلام عــليك يا روح اللــه - هــكــذا تردد الشــعارات فـى الشــوارع , صــانعــة رمــزا دينيــا شــديد التمــايز عــن كــل ما أعــرف , لا أحــد يلقى الســلام علــيكم و لا أحــد يردهــا ب.. عليكــم الســلام , فقــط كلمــة - ســلام - تنطــق بتفخــيم ممـيز للســين يذكــرنى باللغــة التركــيه و هــنا لا أحــد يشــرب القهــوة حــتى ظــننتهــا محــرمــه , كلمــة واحــدة تطلــق علــى الجمــيع مـن ذوى اللســان الســامى الجــنوبى ( عــربو ) أو ( عــرابه ) حــتى عــرب أيـران الذين قابلناهم صـرحـوا بأحسـاسهم بالتمييز ضــدهـم , لـم أعـد نفســى عــربيـا أبــدا , لكــننى أحـسست بشـىء مــا مشــترك معهــم و بشــعور يشــبه التشــفى فـى الأيرانيين حــين كـنت أتبادل معهـم الحـديث بالعربيـة التى لا يفهمهــا الفــرس أو لا يريدون فهمهــا رغــم أن لغــتهم تحتوى كما مدهشــا من الكلمــات العــربيــة
الموتيــلات الحقــيرة أفخــاخ كــبيرة لتجمــيع المنتظــرين و حشــرهم فـى غــرف قــذرة أو تكديســهم بقاعات الأســتقبال معلقة عــيونهم و قلوبهــم بجهــاز الفاكــس أنتظــارا لورود تأشــيرة الأنعــتاق والعــودة لأرض الميعــاد الأماراتيــه, موظــفو الأســتقبال عدوانيــون لا مــبالــون ,
وســط الحشــد المنتظــر لا يتوقفــن عــن الحــركــة , عــن أجــتذاب الأعــين و أثارة الخــيالات , يتحــركــن فـى مجمـوعات صـغيرة غـالبا و نادرا منفردات , ملابســهن الســوداء الطــويلة ممــيزة , غــالبأ ما تترك فرجــة للمعــان ثوب تحــتى زاهى اللــون أو طــلاء أظــافر مراود , فــتمنحهــن مظهــرا أكــثر درامــية و ربمــأ مأســاوية, نظــراتهــن مــراودة بحكــم العــادة , ومنكســرة مترقــبة بحــكم الموقـف و عــدوانيــة غالبــا بحكــم صــدأ القلــوب
يتحــركــن مــا بيــن غــرفهــن فــى الجــزء المعــزول الخــاص بالنســاء و مــا بيــن الأســتقبال فــى رقصــة تذكــر بالكــورس فــى مســرحــية أغــريقيــه لا يتــوقفــن عــن التحــدث بالهــاتف يرققــن لهجتهــن المغــربيــة و يطعمنهــا بكلمــات لبنانية أو مصــرية , يتوســلن عشــاق حــاليين أو ســـابقــين أن يســرعــوا بأرســال التأشــيرة التى يطــول أنتظــارهــا , لا يخجــلن مــن صــب كلمــات العشــق و التوســل و الوعــود بالمتــع الحســية بصــوت مسـموع وســط أســتقبال الموتيــل , أحــيانا يضــفن البكــاء و التوســل المهــين أو الغــضب الباكــى , أحــيانا ترق لهــم القلــوب البعــيدة -أو لعلهــا أعضـاء أخــرى التى ترق - فيأتيهــن الأنعتاق و أحــيانا لا يحــدث و يبقــين حــبيســات الأنتظــار فــى كــيش القفــر الجميلــة الحجــريةالقلــب , وجــودهــن يمــنح المنتظــرين تســلية نادرة , الخــروج للتنــزه معهــن يخــفف الأنتظــار عــن البعــض , و مراقــبة مناوراتهــن و التطــورات الدرامــية لمحــاولة كل منهــن الخــروج و عــلاقات الحــب الكــاذبة المبتــورة الجــافة التى يعقدنهــأ مــع المنتظــرين منحــتنى و رفاقى بعــض التســليه , تســلية مثيـترة للأســى و تقــريبا غــير أنســأنية , تشــبه تســلى الرومــان بمراقبــة عــذاب الحــيوانات و البشــر , تلك هــى كــيش التى تمــنح القســوة لمــن هــم أغــراب عنهــا و تمــنح المتعــة و الأبتهــاج لأهلها

No comments: