العـــودة : الروح التى ذهــبت ليســت التى عــادت
أخــيرا تأتينى أشــارة الأفـراج , ورقــة الفاكــس بيــدى تشــبه أمــرا بالأفــراج طــال أنتظــاره , أقضــى ليلتى الأخــيرة جالســا علــى كــرسى فـى الكافــيتريــا , مللـت البــق , وثلاث نزلاء جــدد معــى فــى الغــرفــة نشـرت أجســأدهم غــير المغتســلة رائحــة نشــأدر ثقيلــة ألمــت عــينى , مــا أن أشــرقــت الشــمس حــى أتجهـــت إلى المطــار بكــل أحســاســى بالأنعــتاق و بالمــل و بالغــضب مــن برود و ســخافة موظفــى الأســتقبال بالموتيــل , ســائق التاكســى الأيرانى الذى أقلــنى للمطــاروضــع أغــنية الأطــلال لأم كلــثوم , بــدا الأمــر دراماتيكيــا لحــد الأبتــذال , الأجــراءات أنتهــت بســرعــة , و دخــلنا لقــاعــة المغــادرة , رســميا أصــبحنا خــارج ( جمهــوريات أســلامى أيران ) , ولـم تعــد تعليماتهم تســرى على أحــد , تخلصــت الأســيويات مــن أغطــية رئوســهن و أطلقــن شــعورهــن الســوداء الجميلــة و أنهمكــن فــى تصفيفهــا , بـدا الأمــر مبهجــا و بدون أقل بؤســا , بدون شــابات صــغيرات لامعات الوجوه و الأبتســامات , أثنتان مــن النائحــات المغــربيـات كــن راحــلات معــنا , خلعهــن للملابس الســوداء الكــاســيه لم يقلل مــن دراميــة مظهــرهــن , فقــط خلــت الأعــين مــن الترقــب و الأســى و شــعت تحــديا قاســيا مســتهينا, بالصــدفة جلســت بجــانب عــدد مــن الحـرفــيين المصــريين , لــم أرتح لضجيجهــم و عــلو أصــواتهــم , و أغــضبتنى ســخريتهــم الدائمــه مــن الهــنود - لكــننى فهمــت سـببها فيمــا بعــد - رحــلة الطــائرة لــم تشــهدجــديدا ما عــدا وجــود مضــيفة أيرانيــة بملابس توحــى بأنهــا ذاهــبة للعــزاء, أنتهــت الأجراءات ســريعــا فــى مطــار الشــارقــة و أصــبحت مرة أخــرى فــى أرض الميعــاد الأماراتيــه , رحلة ســخيفة فـى ســيارة صــديق فســد مكيفهــا و جعلتنى أشعــر بشــعور الدجــاج فى صــينية الفــرن ما بين الشارقــة و عجمان ثم الشارقة مرة أخرى و بعدهــا لدبــى من أجــل أنهــاء معــاملات رســمية و أجراءات أخــرى , أقلنى أتوبيس بكــراسى غــير مــريحــة حـــتى أبوظــبى , و هــناك عــند دخــولى المــدينة أدركــت أن شــيئا قــد تغــير , قــد تبــدل, تلك الألفــة التى أعــتدت أن أحســها نحــو أبوظــبى تلاشــت , و حل محلهــا أحســاس مخــيف بالغــربة , كأننى لم أرهــأ مــن قــبل , حــدقت برعــب و كأبة ســوداء عميقــة فــى مبنا مغطــا كلــه بزجاج عاكس مائل للرمــادية الورديــة و أنا أشــعر أن هــذا هــو أبشــع المبانى و أكثرها أشــعارا بالكــابة , وصــلت إلى البنايــة الحقــيرة حــيث أســكن , أســتقللت المصعــد الحقــير , فتحــت الباب البشــع , ودلفــ إلى غــرفتى العــارية مــن الأثاث تقــريبا و أغلقــت الباب , أخــيرا أصــبحت فى منزلى , وأحســســت بكأبة تعــتصر قلبى
No comments:
Post a Comment